للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مبركها الأول، وألقت جرانها (١) بالأرض ورزمت (٢)، فنزل عنها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-. وقال: هذا المنزل إن شاء الله، فاحتمل أبو أيوب رحله وأَدخلَه بيته، وذلك أن الله -عز وجل- اختار له ما كان يختاره -صلى الله عليه وآله وسلم-، ولم يزل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، في بيت أبي أيوب ينزل عليه الوحي، ويأتيه جبريل -عليه السلام- حتى ابتنى مسجده ومساكنه -صلى الله عليه وآله وسلم-. وورد من حديث المربد والمثامنة (٣) عليه ما هو معلوم في الصحاح (٤).

ودار أبي أيوب -رضي الله عنه- هي مقابلة لدار عثمان -رضي الله عنه- من جهة القبلة، والطريق بينهما، وهو اليوم مدرسة للمذاهب الأربعة اشترى عرصتها الملك المظفر شهاب الدين الغازي (٥) ابن الملك العادل سيف الدين بن أبي بكر بن أيوب بن شادي، وبناها ووقفها على أهل المذاهب الأربعة من أهل السنة والجماعة ووقف عليها أوقافًا بِميًا فَارقين (٦)، وكان مقيمًا بها، هي دار ملكه، وبدمشق أيضًا وقفٌ آخر. وتليها من جهة القبلة عرصة كبيرة تحادها (٧) من القبلة، كانت دارًا لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين رضوان الله عليهم المعروف بالصادق، وفيها الآن قبلةُ مسجدِه وفيها أثر المحاريب، وهي الآن ملك للأشراف المنايفة بني الأمير منيف بن شيحة بن هاشم بن القاسم المذكور فيما تقدم ابن منهال الحسيني، وللمدرسة قاعتان كبرى وصغرى، وفي إيوان الصغرى الغربي خِزانة صغيرة جدًا مما يلي القبلة فيها محراب، يقال إنها مَبرك ناقة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.


(١) جرانها: عنقها أو رقبتها. ابن منظور ج ١ ص ٤٤٧.
(٢) رزمت: أي حنت، وقيل الإرزام هو صوت دون الحنين تخرجه الناقة من حلقها بدون فتح فيها. ابن منظور ج ٢ ص ١١٦١.
(٣) المثامنَة: أي تقدير ثمنه.
(٤) انظر البخاري ج ١ ص ١٦٥، ج ٢ ص ٧٤٢؛ مسلم ج ١ ص ٣٧٣.
(٥) الملك المظفر شهاب الدين غازي (٦١٧ - ٦٢٨ هـ) أحد ملوك الأيوبيين في أقليم الجزيرة.
(٦) ميافارقين: مدينة تقع في منطقة ديار بكر في أعلى إقليم الجزيرة بالقرب من نصيبين.
(٧) في الأصل كتبت هكذا «بحاذاها» وما أثبتناه من (ب) والصحيح تحدها.

<<  <   >  >>