ذلك بمن قدم ليضرب عنقه فافتدى نفسه منهم بماله كفاية، فإن الصدقة تفدي العبد من عذاب الله تعالى، فإن ذنوبه وخطاياه تقتضي هلاكه فتجئ الصدقة تفديه من العذاب وتفكه منه.
ولهذا قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح لما خطب النساء يوم العيد «يا معاشر النساء تصدقن ولو من حليكن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار» وكأنه حثهن ورغبهن على ما يفدين به أنفسهن من النار.
وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة» .
وفي حديث أبي ذر أنه قال:«سألت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ماذا ينجي العبد من النار؟ قال الإيمان بالله قلت: يا نبي الله، مع الإيمان عمل؟ قال أن ترضخ مما خولك الله أو: ترضخ مما رزق الله قلت: يا نبي الله، فإن كان فقيراً لا يجد ما يرضخ؟ قال يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
قلت: إن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟ قال فليعن الأخرق.
قلت: يا رسول الله، أرأيت إن كان لا يحسن أن يصنع؟ قال فليعن مظلوماً قلت: يا رسول الله، أرأيت إن كان ضعيفاً لا يستطيع أن يعين مظلوماً؟ قال ما تريد أن تترك في صاحبك من خير؟ ليمسك أذاه عن الناس قلت: يا رسول الله، أرأيت إن فعل هذا يدخل الجنة؟ قال ما من مؤمن يصيب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتى أدخلته الجنة» ذكره البيهقي في كتاب شعب الإيمان.
قال عمر بن الخطاب: ذكر لي أن الأعمال تتباهى فتقول الصدقة: أنا أفضلكم.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: «ضرب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد أو جنتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى ثدييهما وتراقيهما، فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة أنبسطت عنه حتى تغشى أنامله، وتعفو أثره.