شيئاً أن يقول له كن فيكون} .
فإذا أشرقت على القلب أنوار هذه الصفات اضمحل عندها كل نور، ووراء هذا ما لا يخطر بالبال ولا تناله عبارة.
والمقصود أن الذكر ينور القلب والوجه والأعضاء، وهو نور العبد في دنياه وفي البرزخ وفي القيامة.
وعلى حسب نور الإيمان في قلب العبد تخرج أعماله وأقواله ولها نور وبرهان، حتى أن المؤمن من يكون نور أعماله إذا صعدت إلى الله تبارك وتعالى كنور الشمس، وهكذا نور روحه إذا قدم بها على الله عز وجل، وهكذا يكون نور وجهه في القيامة، والله تعالى المستعان وعليه الاتكال.
[السابعة والثلاثون]
أن الذكر رأس الأصول، وطريق عامة الطائفة ومنشور الولاية: فمن فتح له فيه فقد فتح له باب الدخول على الله عز وجل، فليتطهر وليدخل على ربه عز وجل يجد عنده كل ما يريد، فإن وجد ربه عز وجل وجد كل شئ، وإن فاته ربه عز وجل فاته كل شئ.
[الثامنة والثلاثون]
في القلب خلة وفاقه لا يسدها شئ البته إلا ذكر الله عز وجل فإذا صار شعار القلب بحيث يكون هو الذاكر بطريق الأصالة واللسان تبع له فهذا هو الذكر الذي يسد الخلة ويفني الفاقه، فيكون صاحبه غنياً بلا مال، عزيزاً بلا عشيرة، مهيباً بلا سلطان.
فإذا كان غافلاً عن ذكر الله عز وجل فهو بضد ذلك فقير مع كثرة جدته، ذليل مع سلطانه، حقير مع كثرة عشيرته.
[التاسعة والثلاثون]
أن الذكر يجمع المتفرق ويفرق المجتمع، ويقرب البعيد ويبعد القريب، فيجمع ما تفرق على العبد من قلبه وإرادته وهمومه وعزومه، والعذاب كل العذاب في تفرقتها وتشتتها عليه وانفراطها له، والحياة والنعيم في اجتماع قلبه وهمه وعزمه وإرادته.
ويفرق ما اجتمع عليه من الهموم والغموم والأحزان والحسرات على فوت حظوظه ومطالبه.
ويفرق أيضاً ما اجتمع عليه من ذنوبه وخطاياه وأوزاره حتى تتساقط عنه وتتلاشى وتضمحل.
ويفرق أيضاً ما اجتمع على حربه من جند الشيطان، فإن إبليس لا يزال يبعث له سرية، وكلما كان أقوى طلباً لله سبحانه وتعالى وأمثل تعلقاً به وإرادة له كانت السرية أكثف وأكثر وأعظم شوكة، بحسب ما عند العبد من مواد الخير والإرادة، ولا سبيل إلى تفريق هذا الجمع إلا بدوام الذكر.
وأما تقريبه البعيد فإنه يقرب إليه