كربة من كرب الدنيا نفس الله تعالى عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله تعالى حسابه، ومن أقال نادماً أقال الله تعالى عثرته، ومن أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله تعالى في ظل عرشه» لأنه لما جعله في ظل الإنظار والصبر ونجاه من حر المطالبة وحرارة تكلف الأداء مع عسرته وعجز نجاه الله تعالى من حر الشمس يوم القيامة إلى ظل العرش.
وكذلك الحديث الذي في الترمذي وغيره عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال في خطبته يوماً «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته، فكما تدين تدان.
وكن كيف شئت فإن الله تعالى لك كما تكون أنت ولعباده» .
ولما أظهر المنافقون الإسلام وأسروا الكفر وأظهر الله تعالى لهم يوم القيامة نوراً على الصراط وأظهر لهم أنهم يجوزون الصراط وأسر لهم أن يطفئ نورهم، وأن يحال بينهم وبين الصراط من جنس أعمالهم.
وكذلك من يظهر للخلق خلاف ما يعمله الله فيه فإن الله تعالى يظهر له في الدنيا والآخرة أسباب الفلاح والنجاح والفوز ويبطن له خلافها.
وفي الحديث «من راءى راءى الله به، ومن سمع سمع الله به» .
والمقصود أن الكريم المتصدق يعطيه الله ما لا يعطي جزاء له من جنس عمله.
[ذكر الله وفوائده]
وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وأمركم أن تذكروا الله تعالى، فإن مثل ذلك مثل رجل خرج العدو في أثره سراعاً حتى إذا أتى حصن حصين فأحرز نفسه منهم كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله» فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة الواحدة لكان حقيقاً بالعبد أن لا يفتر لسانه من ذكر الله تعالى وأن لا يزال لهجاً بذكره، فإنه لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر، ولا يدخل عليه العدو إلا من باب الغفلة، فهو يرصده فإذا غفل وثب عليه وافترسه.