عنهم عن الخوارج: منافقون هم؟ قال: لا، المنافقون لا يذكرون الله إلا قليلاً.
فهذا من علامة النفاق قلة ذكر الله عز وجل، وكثرة ذكره أمان من النفاق، والله عز وجل أكرم من أن يبتلي قلباً ذاكراً بالنفاق، وإنما ذلك لقلوب غفلت عن ذكر الله عز وجل.
[التاسعة والستون]
إن للذكر من بين الأعمال لذة لا يشبهها شيء، فلو لم يكن للعبد من ثوابه إلا اللذة الحاصلة للذاكر والنعيم الذي يحصل لقلبه لكفى به، ولهذا سميت مجالس الذكر رياض الجنة، قال مالك بن دينار: وما تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله عز وجل، فليس شيء من الأعمال أخف مؤنة منه ولا أعظم لذة ولا أكثر فرحة وابتهاجاً للقلب.
[السبعون]
إنه يكسو الوجه نضرة في الدنيا ونوراً في الآخرة، فالذاكرون أنضر الناس وجوهاً في الدنيا وأنورهم في الآخرة، ومن المراسيل عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:«من قال كل يوم مائة مرة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، أتى الله تعالى يوم القيامة ووجهه أشد بياضاً من القمر ليلة البدر»
[الحادية والسبعون]
إن في دوام الذكر في الطريق والبيت والحضر والسفر والبقاع تكثيراً لشهود العبد يوم القيامة، فإن البقعة والدار والجبل والأرض تشهد للذاكر يوم القيامة، قال تعالى:{إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها * وقال الإنسان ما لها * يومئذ تحدث أخبارها * بأن ربك أوحى لها} فروى الترمذي في جامعه من حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: «قرأ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذه الآية: {يومئذ تحدث أخبارها} فقال: أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل يوم كذا كذا وكذا» قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
والذاكر لله عز وجل في سائر البقاع مكثر شهوده، ولعلهم أو أكثرهم أن يقبلوه يوم القيامة، يوم قيام الأشهاد وأداء الشهادات فيفرح ويغتبط بشهادتهم.