الليل والنهار.
أرأيتم ما أنفق منذ خلق الخلق فإنه لم يغض ما في يمينه.
قلوب العباد وتواصيهم بيده، وأزمة الأمور معقودة بقضائه وقدره.
الأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه، يقبض سمواته كلها بيده الكريمة والأرض باليد الأخرى، ثم يهزهن، ثم يقول: أنا الملك أنا الملك، أنا الذي بدأت الدنيا ولم تكن شيئاً، وأنا الذي أعيدها كما بدأتها، لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، ولا حاجة يسألها أن يعطيها.
لو أن أهل سمواته وأهل أرضه وأول خلقه وآخرهم وإنسهم وجنهم كانوا على أتقى قلب رجل منهم ما زاد ذلك في ملكه شيئاً، ولو أن أول خلقه وآخرهم وإنسهم وجنهم كانوا على أفجر قلب رجل منهم ما نقص ذلك من ملكه شيئاً، ولو أن أهل سمواته وأهل أرضه وإنسهم وجنهم وحيهم وميتهم ورطبهم ويابسهم قاموا في صعيد واحد فسألوه فأعطى كلاً منهم ما سأله ما نقص ذلك مما عنده مثقال ذرة، ولو أن أشجار الأرض كلها ـ من حين وجدت إلى أن تنقضي الدنيا ـ أقلام، والبحر ـ وراءه سبعة أبحر تمده من بعده ـ مداد، فكتب بتلك الأقلام وذلك المداد لفنيت الأقلام ونفد المداد ولم تنقد كلمات الخالق تبارك وتعالى، وكيف تفنى كلماته عز وجل جلاله وهي لا بداية لها ولا نهاية، والمخلوق له بداية ونهاية فهو أحق بالفناء والنفاد؟ وكيف يفنى المخلوق غير المخلوق؟
هو الأول الذي ليس قبله شئ، والآخر الذي ليس بعده شئ، والظاهر الذي ليس دونه شئ، والباطن الذي ليس دونه شئ، تبارك وتعالى أحق من ذكر، وأحق من عبد، وأحق من حمد، وأولى من شكر، وأنصر من ابتغى، وأراف من ملك، وأجود من سئل، وأعفى من قدر، وأكرم من قصد، وأعدل من انتقم.
حلمه بعد علمه، وعفوه بعد قدرته، ومغفرته عن عزته، ومنعه عن حكمته، وموالاته عن إحسانه ورحمته.
ما للعباد عليه حق واجب كلا ولا سعي لديه ضائع
إن عذبوا فبعدله، أو نعموا فبفضله، وهو الكريم الواسع
وهو الملك لا شريك له، والفرد فلا ند له، والغني فلا ظهير له، والصمد فلا ولد له، ولا صاحبة، والعلي فلا شبيه له ولا سمي له، كل شئ هالك إلا وجهه، وكل ملك زائل إلا ملكه، وكل ظل قالص إلا ظله، وكل فضله منقطع إلا فضله.
لن يطاع إلا بإذنه ورحمته، ولن يعصى إلا بعلمه وحمكته.
يطاع بيشكر، ويعصي فيتجاوز ويغفر.
كل نقمه منه عدل، وكل نعمة منه فضل.
أقرب شهيد، وأدنى حفيظ.
حال دون النفوس، وأخذ بالنواصي، وسجل الآثار، وكتب الآجال، فالقلوب له مفضية، والسر عنده علانية، والغيب عنده شهادة.
عطاؤه كلام، وعذابه كلام {إنما أمره إذا أراد