للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالإشارة إلى كتابك الذي تسأل فيه عن مسألة وهي: ما حكم إسقاء الأطفال المصابين بالكحة الشديدة التي تسمى بـ (السعال الديكي) دم الضب؛ لأنه ثبت بالتجربة أنه دواء ناجح لهذا المرض؛ ولأنه ثبت أن الأطباء غير مستطيعين غالبا لعلاج هذا المرض الذي يضر الطفل ضررا بالغا.

والجواب: إذا كان دم الضب مسفوحا فهو حرام، والتداوي بالمحرمات لا يجوز. والأصل في ذلك الكتاب والسنة والنظر:

أما الكتاب فقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} (١) ، وقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} (٢) وما جاء في معنى هاتين الآيتين من القران.

وجه الدلالة: أن الله تعالى حرم الدم في الآية الأولى على سبيل الإطلاق، وحرمه في الثانية تحريما مقيدا، فيحمل المطلق على المقيد. ومن المقرر في علم الأصول أن الأحكام من أوصاف الأفعال، فإذا أضيفت إلى الذوات فالمقصود الفعل الذي أعدت له هذه الذات، فإضافة التحريم إلى الدم المسفوح إضافة إلى ما أعد له من شرب وتداو وبيع ونحو ذلك.

وأما السنة فأدلة:

الأول: روى البخاري في [صحيحه] معلقا عن ابن مسعود رضي الله عنه: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم» وقد وصله الطبراني بإسناد رجاله رجال الصحيح، وأخرجه أحمد وابن حبان في [صحيحه] ،


(١) سورة المائدة الآية ٣
(٢) سورة الأنعام الآية ١٤٥

<<  <   >  >>