للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك ليس بشفاء، ولكنه داء» .

ويقرر الاستدلال من هذين الحديثين ما سبق، إلا أن هذا نص في الخمر، ويعم غيرها من المحرمات قياسا.

الثالث: روى أصحاب [السنن] عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث (١) » . وجه الدلالة: أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الدواء الخبيث، والنهي يقتضي التحريم، فيكون تعاطيه محرما، وما حرم إلا لقبحه، والقبيح لا فائدة فيه، وإذا انتفت الفائدة انتفى الشفاء.

روى أبو داود في [السنن] من حديث أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا، ولا تتداووا بحرام (٢) » وأخرجه أيضا الطبراني ورجاله ثقات.

وجه الدلالة: أنه صلى الله عليه وسلم بين أن الدواء في المباح، أما المحرم فلا دواء فيه. وبيان ذلك من وجوه:

الأول: أن الله جل وعلا هو الذي قدر الأمراض وقدر لها الأدوية، وهو المحيط بكل شيء، فما أثبته فهو المستحق أن يثبت، وما نفاه فهو المستحق أن ينفى قولا وعملا واعتقادا.

الثاني: إن الله جل وعلا شرع لإزالة الأمراض أسبابا شرعية، وأسبابا طبيعية، وعادية. فالأسباب الشرعية: مثل قراءة القرآن، والأدعية، وقوة التوكل، ونحو ذلك. وأما الطبيعية: فمثل ما يوجد عند المريض من قوة البدن التي تقاوم المرض حتى يزول.

وأما الأسباب العادية: فمثل الأدوية التي تركب من الأشياء المباحة. فكيف تجتنب الأسباب المشروعة إلى أسباب يأثم مرتكبها إذا كان عالما


(١) سنن الترمذي الطب (٢٠٤٥) ، سنن أبو داود الطب (٣٨٧٠) ، سنن ابن ماجه الطب (٣٤٥٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٤٤٦) .
(٢) سنن أبو داود الطب (٣٨٧٤) .

<<  <   >  >>