عَدَالَتُهُ، وَتَحَقَّقَ لُقِيُّهُ لِمَنْ أَخَذَ عَنْهُ وَصَحَّتْ مُعَاصَرَتُهُ، وَهَذَا الْتِزَامٌ لَمْ يَقَعْ لِغَيْرِنَا مِمَّنْ أَلَّفَ فِي هَذَا الْعِلْمِ.
وَمَنْ نَظَرَ أَسَانِيدَ كُتُبِ الْقِرَاءَاتِ وَأَحَاطَ بِتَرَاجِمَ الرُّوَاةِ عِلْمًا عَرَفَ قَدْرَ مَا سَبَرْنَا وَنَقَّحْنَا وَصَحَّحْنَا، وَهَذَا عِلْمٌ أُهْمِلَ، وَبَابٌ أُغْلِقَ، وَهُوَ السَّبَبُ الْأَعْظَمُ فِي تَرْكِ كَثِيرٍ مِنَ الْقِرَاءَاتِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَحْفَظُ مَا بَقِيَ.
وَإِذَا كَانَ صِحَّةُ السَّنَدِ مِنْ أَرْكَانِ الْقِرَاءَةِ كَمَا تَقَدَّمَ تَعَيَّنَ أَنْ يُعْرَفَ حَالُ رِجَالِ الْقِرَاءَاتِ كَمَا يُعْرَفُ أَحْوَالُ رِجَالِ الْحَدِيثِ، لَا جَرَمَ اعْتَنَى النَّاسُ بِذَلِكَ قَدِيمًا، وَحَرَصَ الْأَئِمَّةُ عَلَى ضَبْطِهِ عَظِيمًا وَأَفْضَلُ مَنْ عَلِمْنَاهُ تَعَاطَى ذَلِكَ وَحَقَّقَهُ، وَقَيَّدَ شَوَارِدَهُ وَمُطْلَقَهُ، إِمَامَا الْغَرْبِ وَالشَّرْقِ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ الثِّقَةُ - أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّانِيُّ - مُؤَلِّفُ التَّيْسِيرِ وَجَامِعِ الْبَيَانِ وَتَارِيخِ الْقِرَاءَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَمَنِ انْتَهَى إِلَيْهِ تَحْقِيقُ هَذَا الْعِلْمِ وَضَبْطُهُ وَإِتْقَانُهُ بِبِلَادِ الْأَنْدَلُسِ وَالْقُطْرِ الْغَرْبِيِّ، وَالْحَافِظُ الْكَبِيرُ - أَبُو الْعَلَاءِ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَطَّارُ الْهَمْدَانِيُّ - مُؤَلِّفُ الْغَايَةِ مِنَ الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ وَطَبَقَاتِ الْقُرَّاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَمَنِ انْتَهَى إِلَيْهِ مَعْرِفَةُ أَحْوَالِ النَّقَلَةِ وَتَرَاجِمِهِمْ بِبِلَادِ الْعِرَاقِ وَالْقُطْرِ الشَّرْقِيِّ.
وَمَنْ أَرَادَ الْإِحَاطَةَ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ بِكِتَابِنَا " غَايَةُ النِّهَايَةِ فِي أَسْمَاءِ رِجَالِ الْقِرَاءَاتِ أُولِي الرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَةِ ".
وَأَعْلَى مَا وَقَعَ لَنَا بِاتِّصَالِ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ عِنْدَ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ أَنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، وَذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَاصِمٍ مِنْ رِوَايَةِ حَفْصٍ وَقِرَاءَةِ يَعْقُوبَ مِنْ وَرَايَةِ رُوَيْسٍ وَقِرَاءَةِ ابْنِ عَامِرٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ ذَكْوَانَ وَيَقَعُ لَنَا مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا لِثُبُوتِ قِرَاءَةِ ابْنِ عَامِرٍ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكَذَلِكَ يَقَعُ لَنَا فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ مِنْ طَرِيقِ الْهَاشِمِيِّ عَنِ الْأُشْنَانِيِّ، وَمِنْ طَرِيقِ هُبَيْرَةَ عَنْ حَفْصٍ مُتَّصِلًا، وَهُوَ مِنْ كِفَايَةِ سِبْطِ الْخَيَّاطِ، وَهَذِهِ أَسَانِيدُ لَا يُوجَدُ الْيَوْمَ أَعْلَى مِنْهَا، وَلَقَدْ وَقَعَ لَنَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute