وَالَّذِي وَصِلَتُهَا خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ. وَالثَّانِي أَنَّ مَا اسْمٌ وَاحِدٌ لِلِاسْتِفْهَامِ وَمَوْضِعُهُ نُصِبَ بِأَرَادَ.
(قُلْتُ) : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا اسْتِفْهَامًا وَذَا إِشَارَةً كَقَوْلِهِمْ مَاذَا التَّوَانِي وَكَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
مَاذَا الْوُقُوفُ عَلَى نَارٍ وَقَدْ خَمُدَتْ ... يَا طَالُ مَا أُوقِدَتْ لِلْحَرْبِ نِيرَانُ
فَعَلَى هَذَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ هُمَا كَلِمَتَانِ يُوقَفُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَعَلَى الثَّانِي يُوقَفُ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُمَا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَذَلِكَ حَالَةُ الِاضْطِرَارِ وَالِاخْتِيَارِ لَا عَلَى التَّعَمُّدِ وَالِاخْتِيَارِ.
(نَعَمْ) عَلَى التَّقْدِيرِ الثَّالِثِ يَجُوزُ اخْتِيَارًا وَيَكُونُ كَافِيًا عَلَى أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِيَقُولُونَ وَيَكُونَ أَرَادَ اللَّهُ اسْتِئْنَافًا وَجَوَابًا لِقَوْلِهِمْ.
(التَّاسِعُ) قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مُحَمَّدِ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْعُمَانِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُرْشِدِ فِي الْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي فِي سُورَةِ يس " مَا " كَلِمَةُ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ حَرْفُ نَفْيٍ وَ " لِيَ " كَلِمَةٌ أُخْرَى فَهُمَا كَلِمَتَانِ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ مَالِيَ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلِاسْتِفْهَامِ. انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْبَقَاءِ الْعُكْبَرِيُّ فِي إِعْرَابِهِ فِي سُورَةِ يس " وَمَا لِيَ " الْجُمْهُورُ عَلَى فَتْحِ الْيَاءِ لِأَنَّ مَا بَعْدَهَا فِي حُكْمِ الْمُتَّصِلِ بِهَا إِذْ كَانَ لَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا وَالِابْتِدَاءُ وَمَالِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ بِعَكْسِ ذَلِكَ انْتَهَى. وَكِلَا الْكَلَامَيْنِ لَا يَظْهَرُ فَلْيَتَأَمَّلْ وَلَكِنْ لِكَلَامِ أَبِي الْبَقَاءِ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ وَجْهٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي يَاءَاتِ الْإِضَافَةِ
وَيَاءُ الْإِضَافَةِ عِبَارَةٌ عَنْ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ، وَهِيَ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِالِاسْمِ وَالْفِعْلِ وَالْحَرْفِ فَتَكُونُ مَعَ الِاسْمِ مَجْرُورَةَ الْمَحَلَّ، وَمَعَ الْفِعْلِ مَنْصُوبَتَهُ، وَمَعَ الْحَرْفِ مَنْصُوبَتَهُ وَمَجْرُورَتَهُ بِحَسَبِ عَمَلِ الْحَرْفِ نَحْوَ نَفْسِي، وَذِكْرِي وَفَطَرَنِي وَلَيَحْزُنُنِي وَإِنِّي، وَلِيٍّ، وَقَدْ أَطْلَقَ أَئِمَّتُنَا هَذِهِ التَّسْمِيَةَ عَلَيْهَا تَجَوُّزًا مَعَ مَجِيئِهَا مَنْصُوبَ الْمَحَلِّ غَيْرَ مُضَافٍ إِلَيْهَا نَحْوَ إِنِّي وَآتَانِيَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ يَاءَاتِ الزَّوَائِدِ أَنَّ هَذِهِ الْيَاءَاتِ تَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute