وَحُرُوفُ التَّفَشِّي هُوَ الشِّينُ اتِّفَاقًا ; لِأَنَّهُ تَفَشَّى مِنْ مَخْرَجِهِ حَتَّى اتَّصَلَ بِمَخْرَجِ الطَّاءِ، وَأَضَافَ بَعْضُهُمْ إِلَيْهَا الْفَاءَ وَالضَّادَ، وَبَعْضَ الرَّاءِ وَالصَّادَ وَالسِّينَ وَالْيَاءَ وَالثَّاءَ وَالْمِيمَ.
وَالْحَرْفُ الْمُسْتَطِيلُ هُوَ الضَّادُ ; لِأَنَّهُ اسْتَطَالَ عَنِ الْفَهْمِ عِنْدَ النُّطْقِ بِهِ حَتَّى اتَّصَلَ بِمَخْرَجِ اللَّامِ، وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْقُوَّةِ بِالْجَهْرِ وَالْإِطْبَاقِ وَالِاسْتِعْلَاءِ.
وَأَمَّا كَيْفَ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ
فَإِنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى يُقْرَأُ بِالتَّحْقِيقِ وَبِالْحَدَرِ وَبِالتَّدْوِيرِ الَّذِي هُوَ التَّوَسُّطُ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ مُرَتَّلًا مُجَوَّدًا بِلُحُونِ الْعَرَبِ وَأَصْوَاتِهَا وَتَحْسِينِ اللَّفْظِ وَالصَّوْتِ بِحَسَبِ الِاسْتِطَاعَةِ.
أَمَّا التَّحْقِيقُ فَهُوَ مَصْدَرٌ مَنْ حَقَّقْتُ الشَّيْءَ تَحْقِيقًا إِذَا بَلَغْتُ يَقِينَهُ، وَمَعْنَاهُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِتْيَانِ بِالشَّيْءِ عَلَى حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فِيهِ وَلَا نُقْصَانٍ مِنْهُ. فَهُوَ بُلُوغُ حَقِيقَةِ الشَّيْءِ وَالْوُقُوفُ عَلَى كُنْهِهِ وَالْوُصُولُ إِلَى نِهَايَةِ شَأْنِهِ، وَهُوَ عِنْدُهُمْ عِبَارَةٌ عَنْ إِعْطَاءِ كُلِّ حَرْفٍ حَقَّهُ مِنْ إِشْبَاعِ الْمَدِّ، وَتَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ، وَإِتْمَامِ الْحَرَكَاتِ، وَاعْتِمَادِ الْإِظْهَارِ وَالتَّشْدِيدَاتِ، وَتَوْفِيَةِ الْغُنَّاتِ، وَتَفْكِيكِ الْحُرُوفِ، وَهُوَ بَيَانُهَا وَإِخْرَاجُ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ بِالسَّكْتِ وَالتَّرَسُّلِ وَالْيُسْرِ وَالتُّؤَدَةِ وَمُلَاحَظَةُ الْجَائِزِ مِنَ الْوُقُوفِ، وَلَا يَكُونُ غَالِبًا مَعَهُ قَصْرٌ وَلَا اخْتِلَاسٌ وَلَا إِسْكَانُ مُحَرَّكٍ وَلَا إِدْغَامُهُ فَالتَّحْقِيقُ يَكُونُ لِرِيَاضَةِ الْأَلْسُنِ وَتَقْوِيمِ الْأَلِفَاظِ وَإِقَامَةِ الْقِرَاءَةِ بِغَايَةِ التَّرْتِيلِ، وَهُوَ الَّذِي يُسْتَحْسَنُ وَيُسْتَحَبُّ الْأَخْذُ بِهِ عَلَى الْمُتَعَلِّمِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ فِيهِ إِلَى حَدِّ الْإِفْرَاطِ مِنْ تَحْرِيكِ السَّوَاكِنِ وَتَوْلِيدِ الْحُرُوفِ مِنَ الْحَرَكَاتِ وَتَكْرِيرِ الرَّاءَاتِ وَتَطْنِينِ النُّونَاتِ بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْغُنَّاتِ كَمَا رُوِّينَا عَنْ حَمْزَةَ الَّذِي هُوَ إِمَامُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ قَالَ: لِبَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ يُبَالِغُ فِي ذَلِكَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ مَا كَانَ فَوْقَ الْجُعُودَةِ فَهُوَ قَطَطٌ وَمَا كَانَ فَوْقَ الْبَيَاضِ فَهُوَ بَرَصٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute