فَوَجَبَ لِذَلِكَ أَنْ تَكُونَ بَيْنَ بَيْنَ لَا غَيْرَ ; لِأَنَّ هَمْزَةَ بَيْنَ بَيْنَ فِي رُتْبَةِ الْمُتَحَرِّكَةِ، وَقَالَ آخَرُونَ: يُبْدِلُهَا فِيهِمَا كَسَائِرِ الْبَابِ، ثُمَّ فِيهَا بَعْدَ الْبَدَلِ وَجْهَانِ: أَنْ تُحْذَفَ لِلسَّاكِنَيْنِ، وَالثَّانِي أَنْ لَا تُحْذَفَ وَيُزَادَ فِي الْمَدِّ، فَتَفْصِلُ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ، وَتَمْنَعُ مِنِ اجْتِمَاعِهِمَا. انْتَهَى. وَهُوَ جَيِّدٌ، وَقَدْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ عَلَى وَجْهِ الْحَذْفِ الزِّيَادَةَ فِي الْمَدِّ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رَوَى الْمَدَّ عَنِ الْأَزْرَقِ لِوُقُوعِ حَرْفِ الْمَدِّ بَعْدَ هَمْزٍ ثَابِتٍ، فَحَكَى فِيهِ الْمَدَّ وَالتَّوَسُّطَ وَالْقَصْرَ، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعُ) إِنَّ هَذَا الَّذِي ذُكِرَ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي تَخْفِيفِ إِحْدَى الْهَمْزَتَيْنِ فِي هَذَا الْبَابِ، إِنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ الْوَصْلِ، فَإِذَا وَقَفْتَ عَلَى الْكَلِمَةِ الْأُولَى أَوْ بَدَأْتَ بِالثَّانِيَةِ حَقَّقْتَ الْهَمْزَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِجَمِيعِ الْقُرَّاءِ، إِلَّا مَا يَأْتِي فِي وَقْفِ حَمْزَةَ وَهِشَامٍ فِي بَابِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
بَابٌ فِي الْهَمْزِ الْمُفْرَدِ
وَهُوَ يَأْتِي عَلَى ضَرْبَيْنِ: سَاكِنٌ، وَمُتَحَرِّكٌ، وَيَقَعُ فَاءً مِنَ الْفِعْلِ وَعَيْنًا وَلَامًا.
(فَالضَّرْبُ الْأَوَّلُ) السَّاكِنُ، وَيَأْتِي بِاعْتِبَارِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مَضْمُومٌ مَا قَبْلَهُ نَحْوُ (يُؤْمِنُونَ، وَرُؤْيَا، وَمُؤْتَفِكَةُ، وَلُؤْلُؤٌ، وَيَسُؤْكُمْ، وَيَقُولُ ائْذَنْ لِي) وَمَكْسُورٌ نَحْوُ (بِئْسَ، وَجِئْتَ، وَشِئْتَ، وَرُوحًا، وَنَبِّئْ، وَالَّذِي ائْتُمِنَ) وَمَفْتُوحٌ نَحْوُ (فَأَتُوهُنَّ، فَأْذَنُوا، وَآتَوْا، وَأْمُرْ أَهْلَكَ، وَمَأْوَى، وَاقْرَأْ، وَإِنْ يَشَأْ، وَالْهُدَى ائْتِنَا) فَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ جَمِيعَ ذَلِكَ بِإِبْدَالِ الْهَمْزَةِ فِيهِ حَرْفَ مَدٍّ بِحَسَبِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهُ إِنْ كَانَتْ ضَمَّةً فَوَاوٌ، أَوْ كَسْرَةً فَيَاءٌ، أَوْ فَتْحَةً فَأَلِفٌ، وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ كَلِمَتَيْنِ، وَهُمَا أَنْبِئْهُمْ فِي الْبَقَرَةِ وَنَبِّئْهُمْ فِي الْحِجْرِ وَالْقَمَرِ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ نَبِّئْنَا فِي يُوسُفَ. فَرَوَى عَنْهُ تَحْقِيقَهَا أَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ مِنْ رِوَايَتَيِ ابْنِ وَرْدَانَ وَابْنِ جَمَّازٍ جَمِيعًا. وَرَوَى الْهُذَلِيُّ إِبْدَالَهَا مِنْ طَرِيقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute