أَصْحَابِ التَّمَّارِ عَنْهُ عَنْ رُوَيْسٍ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا وَأَلِفٍ بَعْدَهَا مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ بَعْدَ النُّونِ، وَبِذَلِكَ قَرَأَ الْبَاقُونَ، وَأَجْمَعَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى حَذْفِ الْأَلِفَيْنِ فَاحْتَمَلَتْهَا الْقِرَاءَتَانِ، وَكَذَلِكَ النَّفَّاثَاتِ بِمَا انْفَرَدَ بِهِ أَبُو الْكَرَمِ الشَّهْرُزُورِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمِصْبَاحِ عَنْ رَوْحٍ بِضَمِّ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ وَجَمْعِ " نَفَّاثَةٍ "، وَهُوَ مَا نَفَثْتَهُ مِنْ فِيكَ، وَقَرَأَ أَبُو الرَّبِيعِ وَالْحَسَنُ أَيْضًا النَّفَّاثَاتِ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا، وَالْكُلُّ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّفْثِ، وَهُوَ شِبْهُ النَّفْخِ، يَكُونُ فِي الرُّقْيَةِ، وَلَا رِيقَ مَعَهُ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ رِيقٌ فَهُوَ مِنَ التَّفْلِ، يُقَالُ مِنْهُ: نَفَثَ الرَّاقِي يَنْفِثُ وَيَنْفُثُ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، فَالنَّفَّاثَاتُ فِي الْعُقَدِ بِالتَّشْدِيدِ السَّوَاحِرُ عَلَى مُرَادِ تَكْرَارِ الْفِعْلِ وَالِاحْتِرَافِ بِهِ، وَالنَّفَّاثَاتُ تَكُونُ لِلدَّفْعَةِ الْوَاحِدَةِ مِنَ الْفِعْلِ وَلِتَكْرَارِهِ أَيْضًا، وَالنَّفْثَاتُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُورًا مِنَ النَّفَّاثَاتِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَصْلِ عَلَى فَعَلَاتٍ مِثْلَ حَذَرَاتٍ؛ لِكَوْنِهِ لَازِمًا، فَالْقِرَاءَاتُ الْأَرْبَعُ تَرْجِعُ إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَلَا تُخَالِفُ الرَّسْمَ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
بَابُ التَّكْبِيرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ
وَبَعْضُ الْمُؤَلِّفِينَ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْبَابَ أَصْلًا كَابْنِ مُجَاهِدٍ فِي سَبْعَتِهِ، وَابْنِ مِهْرَانَ فِي غَايَتِهِ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَذْكُرُهُ مَعَ بَابِ الْبَسْمَلَةِ مُتَقَدِّمًا كَالْهُذَلِيِّ وَابْنِ مُؤْمِنٍ، وَالْأَكْثَرُونَ أَخَّرُوهُ لِتَعَلُّقِهِ بِالسُّوَرِ الْأَخِيرَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ عِنْدَ سُورَةِ وَالضُّحَى، وَأَلَمْ نَشْرَحْ كَأَبِي الْعِزِّ الْقَلَانِسِيِّ، وَالْحَافِظِ أَبِي الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيِّ وَابْنِ شُرَيْحٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَّرَهُ إِلَى بَعْدِ إِتْمَامِ الْخِلَافِ وَجَعَلَهُ آخِرَ كِتَابِهِ، وَهُمُ الْجُمْهُورُ مِنَ الْمَشَارِقَةِ، وَالْمَغَارِبَةِ، وَهُوَ الْأَنْسَبُ لِتَعَلُّقِهِ بِالْخَتْمِ وَالدُّعَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَيَنْحَصِرُ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْبَابِ فِي أَرْبَعَةِ فُصُولٍ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي سَبَبِ وُرُودِهِ
اخْتُلِفَ فِي سَبَبِ وُرُودِ التَّكْبِيرِ مِنَ الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ، فَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute