الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي ذِكْرِ مَنْ وَرَدَ عَنْهُ وَأَيْنَ وَرَدَ وَصِيغَتِهِ
فَاعْلَمْ أَنَّ التَّكْبِيرَ صَحَّ عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ قُرَّائِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ وَأَئِمَّتِهِمْ، وَمَنْ رَوَى عَنْهُمْ - صِحَّةً اسْتَفَاضَتْ وَاشْتَهَرَتْ وَذَاعَتْ وَانْتَشَرَتْ حَتَّى بَلَغَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ وَصَحَّتْ أَيْضًا عَنْ أَبِي عَمْرٍو مِنْ رِوَايَةِ السُّوسِيِّ، وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ رِوَايَةِ الْعُمَرِيِّ وَوَرَدَتْ أَيْضًا عَنْ سَائِرِ الْقُرَّاءِ، وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ ابْنُ حَبَشٍ وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْخَبَّازِيُّ عَنِ الْجَمِيعِ، وَحَكَى ذَلِكَ الْإِمَامُ أَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَقَدْ صَارَ عَلَى هَذَا الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْأَمْصَارِ فِي سَائِرِ الْأَقْطَارِ عِنْدَ خَتْمِهِمْ فِي الْمَحَافِلِ وَاجْتِمَاعِهِمْ فِي الْمَجَالِسِ لَدَى الْأَمَاثِلِ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَقُومُ بِهِ فِي صَلَاةِ رَمَضَانَ، وَلَا يَتْرُكُهُ عِنْدَ الْخَتْمِ عَلَى أَيِ حَالٍ كَانَ. قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي الْمُبْهِجِ: وَحَكَى شَيْخُنَا الشَّرِيفُ عَنِ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكَارَزِينِيِّ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي دَرْسِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَبَلَغَ إِلَى وَالضُّحَى كَبَّرَ لِكُلِّ قَارِئٍ قَرَأَ لَهُ، فَكَانَ يَبْكِي وَيَقُولُ مَا أَحْسَنَهَا مِنْ سُنَّةٍ لَوْلَا أَنِّي لَا أُحِبُّ مُخَالَفَةَ سُنَّةِ النَّقْلِ لَكُنْتُ أَخَذْتُ عَلَى كُلِّ مَنْ قَرَأَ عَلَيَّ بِرِوَايَةِ التَّكْبِيرِ لَكِنَّ الْقِرَاءَةَ سُنَّةٌ تُتَّبَعُ، وَلَا تُبْتَدَعُ. وَقَالَ مَكِّيٌّ: وَرُوِيَ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ كَانُوا يُكَبِّرُونَ فِي آخِرِ كُلِّ خَتْمَةٍ مِنْ خَاتِمَةِ وَالضُّحَى لِكُلِّ الْقُرَّاءِ لِابْنِ كَثِيرٍ، وَغَيْرِهِ سُنَّةً نَقَلُوهَا عَنْ شُيُوخِهِمْ. وَقَالَ الْأَهْوَازِيُّ: وَالتَّكْبِيرُ عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ فِي آخِرِ الْقُرْآنِ سُنَّةٌ مَأْثُورَةٌ يَسْتَعْمِلُونَهُ فِي قِرَاءَتِهِمْ فِي الدُّرُوسِ وَالصَّلَاةِ انْتَهَى. وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَأْخُذُ بِهِ فِي جَمِيعِ سُوَرِ الْقُرْآنِ، وَذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ وَالْهُذَلِيُّ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ الْخُزَاعِيِّ قَالَ الْهُذَلِيُّ: وَعِنْدَ الدَّيْنَوَرِيِّ كَذَلِكَ يُكَبَّرُ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ لَا يَخْتَصُّ بِالضُّحَى، وَغَيْرِهَا. لِجَمِيعِ الْقُرَّاءِ.
(قُلْتُ) : وَالدَّيْنَوَرِيُّ هَذَا هُوَ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَشٍ الدَّيْنَوَرِيُّ إِمَامٌ مُتْقِنٌ ضَابِطٌ قَالَ عَنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute