التَّشْكِيكِ وَالْإِشْكَالِ، فَقَدِ اعْتَمَدَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - لَمَّا لَمْ يَجِدُوا نَصًّا يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُجِزْ مَكِّيٌّ وَغَيْرُهُ فِي (أَأَعْجَمِيٌّ، وَأَأِنْ كَانَ) لِابْنِ ذَكْوَانَ سِوَى الْفَصْلِ بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ. قَالَ مَكِّيٌّ عِنْدَ ذِكْرِهِمَا فِي " التَّبْصِرَةِ ": لَكِنَّ ابْنَ ذَكْوَانَ لَمْ نَجِدْ لَهُ أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ، فَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ أَمْرُهُ عَلَى مَا فَعَلَهُ هِشَامٌ فِي (أَيِنَّكُمْ وَأَنْذَرْتَهُمْ) وَنَحْوِهِ (فَيَكُونُ) مِثْلَ أَبِي عَمْرٍو وَقَالُونَ، وَحَمْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ الرَّاوِي مَعَهُ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى غَيْرِهِ. انْتَهَى. وَأَمَّا مَذْهَبُ حَمْزَةَ فِي الْوَقْفِ فَيَأْتِي فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ثُمَّ رَأَيْتُ النَّصَّ عَلَى الْهَاشِمِيِّ الْمَذْكُورِ لِأَبِي الْكَرَمِ الشَّهْرَزُورِيِّ وَأَبِي مَنْصُورِ بْنِ خَيْرُونَ بِصِلَةِ مِيمِ الْجَمْعِ لِلْهَاشِمِيِّ عِنْدَ هَمْزَةِ الْقَطْعِ، فَصَحَّ مَا قُلْنَاهُ، وَاتَّضَحَ مَا حَاوَلْنَاهُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَقَفْتُ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ " كِفَايَةِ الْمُنْتَهِي وَنِهَايَةِ الْمُبْتَدِي " لِلْقَاضِي الْإِمَامِ أَبِي ذَرٍّ أَسْعَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بُنْدَارٍ الْيَزْدِيِّ صَاحِبِ الشَّهْرَزُورِيِّ وَابْنِ خَيْرُونَ الْمَذْكُورَيْنِ، وَهُوَ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُعْتَمَدِينَ، وَأَهْلِ الْأَدَاءِ الْمُحَقِّقِينَ.
بَابُ السَّكْتِ عَلَى السَّاكِنِ قَبْلَ الْهَمْزِ وَغَيْرِهِ
تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى السَّكْتِ أَوَّلَ الْكِتَابِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْوَقْفِ، وَالْكَلَامُ هُنَا عَلَى مَا يُسْكَتُ عَلَيْهِ. فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّكْتُ إِلَّا عَلَى سَاكِنٍ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّكْتُ عَلَى كُلِّ سَاكِنٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ تُعْلَمَ أَقْسَامُ السَّاكِنِ لِيُعْرَفَ مَا يَجُوزُ عَلَيْهِ السَّكْتُ مِمَّا لَا يَجُوزُ، فَالسَّاكِنُ الَّذِي يَجُوزُ السَّكْتُ عَلَيْهِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ هَمْزَةٌ فَيُسْكَتُ عَلَيْهِ لِبَيَانِ الْهَمْزَةِ وَتَحْقِيقِهِ، أَوْ لَا يَكُونُ بَعْدَهُ هَمْزَةٌ، وَإِنَّمَا يُسْكَتُ عَلَيْهِ لِمَعْنًى غَيْرِ ذَلِكَ.
(فَالسَّاكِنُ) الَّذِي يُسْكَتُ عَلَيْهِ لِبَيَانِ الْهَمْزِ خَوْفًا مِنْ خَفَائِهِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُنْفَصِلًا فَيَكُونُ آخِرَ كَلِمَةٍ وَالْهَمْزُ أَوَّلَ كَلِمَةٍ أُخْرَى، أَوْ يَكُونَ مُتَّصِلًا فَيَكُونُ هُوَ وَالْهَمْزُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَرْفَ مَدٍّ، أَوْ غَيْرَ حَرْفِ مَدٍّ (فَمِثَالُ الْمُنْفَصِلِ) بِغَيْرِ حَرْفِ الْمَدِّ: (مَنْ آمَنَ، خَلَوْا إِلَى، ابْنَيْ آدَمَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute