للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأُبْقِيَ عَلَى حَالِهِ لِطَرَآنِ النَّقْلِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُعْتَدَّ فِيهِ بِالْحَرَكَةِ، وَأَمَّا حَالَةُ الِابْتِدَاءِ، فَإِنَّ النَّقْلَ سَابِقٌ لِلِابْتِدَاءِ، وَالِابْتِدَاءُ طَارِئٌ عَلَيْهِ، فَحَسُنَ الِاعْتِدَادُ فِيهِ، أَلَا تَرَاهُ لَمَّا قَصَدَ الِابْتِدَاءَ بِالْكَلِمَةِ الَّتِي نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ فِيهَا إِلَى اللَّامِ لَمْ تَكُنِ اللَّامُ إِلَّا مُحَرَّكَةً، وَنَظِيرُ ذَلِكَ حَذْفُهُمْ حَرْفَ الْمَدِّ مِنْ نَحْوِ (وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ وَأَفِي اللَّهِ شَكٌّ) وَإِثْبَاتُهُمْ لَهُ فِي (وَلَا تَوَلَّوْا، وَكُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ) لِطَرَآنِ الْإِدْغَامِ عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَذَلِكَ وَاضِحٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ) مِيمُ الْجَمْعِ، أَمَّا لِوَرْشٍ فَوَاضِحٌ ; لِأَنَّ مَذْهَبَهُ عِنْدَ الْهَمْزَةِ صِلَتُهَا بِوَاوٍ، فَلَمْ تَقَعِ الْهَمْزَةُ بَعْدَهَا فِي مَذْهَبِهِ إِلَّا بَعْدَ حَرْفِ مَدٍّ مِنْ أَجْلِ الصِّلَةِ، وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ الْهَاشِمِيِّ عَنِ ابْنِ جَمَّازٍ، فَإِنَّ الْهُذَلِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ عَدَمُ الصِّلَةِ مُطْلَقًا، وَمُقْتَضَى هَذَا الْإِطْلَاقِ عَدَمُ صِلَتِهَا عِنْدَ الْهَمْزَةِ، وَنَصَّ أَيْضًا عَلَى النَّقْلِ مُطْلَقًا، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ النَّقْلُ إِلَى مِيمِ الْجَمْعِ. وَهَذَا مِنَ الْمُشْكَلِ تَحْقِيقُهُ، فَإِنِّي لَا أَعْلَمَ لَهُ نَصًّا فِي مِيمِ الْجَمْعِ بِخُصُوصِيَّتِهَا بِشَيْءٍ، فَأَرْجِعُ إِلَيْهِ، وَالَّذِي أُعَوِّلُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ عَدَمُ النَّقْلِ فِيهَا بِخُصُوصِيَّتِهَا وَالْأَخْذُ فِيهَا بِالصِّلَةِ، وَحُجَّتِي فِي ذَلِكَ أَنِّي لَمَّا لَمْ أَجِدْ لَهُ فِيهَا نَصًّا رَجَعْتُ إِلَى أُصُولِهِ وَمَذَاهِبِ أَصْحَابِهِ، وَمَنِ اشْتَرَكَ مَعَهُ عَلَى الْأَخْذِ بِتِلْكَ الْقِرَاءَةِ، وَوَافَقَهُ عَلَى النَّقْلِ فِي الرِّوَايَةِ، وَهُوَ الزُّبَيْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعُمَرِيُّ أَحَدُ الرُّوَاةِ الْمَشْهُورِينَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَرْدَانَ، فَوَجَدْتُهُ يَرْوِي النَّقْلَ نَصًّا وَأَدَاءً، وَخَصَّ مِيمَ الْجَمْعِ بِالصِّلَةِ لَيْسَ إِلَّا. وَكَذَلِكَ وَرْشٌ وَغَيْرُهُ مِنْ رُوَاةِ النَّقْلِ عَنْ نَافِعٍ، كُلُّهُمْ لَمْ يَقْرَأْ فِي مِيم الْجَمْعِ بِغَيْرِ صِلَةٍ، وَوَجَدْتُ نَصَّ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ صَرِيحًا فِي عَدَمِ جَوَازِ النَّقْلِ فِي مِيمِ الْجَمْعِ. فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَى عَدَمِ النَّقْلِ فِيهَا، وَحَسُنَ الْمَصِيرُ إِلَى الصِّلَةِ دُونَ عَدَمِهَا جَمْعًا بَيْنَ النَّصِّ لِمَنْعِ النَّقْلِ فِيهَا وَبَيْنَ الْقِيَاسِ فِي الْأَخْذِ بِالصِّلَةِ فِيهَا دُونَ الْإِسْكَانِ، وَذَلِكَ أَنِّي لَمَّا لَمْ أَرَ أَحَدًا نَقَلَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَلَا عَنْ نَافِعٍ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَصْحَابِ أَبِي جَعْفَرٍ النَّقْلَ فِي غَيْرِ مِيمِ الْجَمْعِ وَخَصَّصَهَا بِالْإِسْكَانِ، كَمَا أَنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْهُمْ نَصَّ عَلَى النَّقْلِ فِيهَا، وَحَمَلَ رِوَايَةَ الرَّاوِي عَلَى مَنْ شَارَكَهُ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ، أَوْ وَافَقَهُ فِي أَصْلِ تِلْكَ الْقِرَاءَةِ أَصْلٌ مُعْتَمَدٌ عَلَيْهِ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ