فَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْأَغْلَبَ عَلَيْهِ جَانِبُ الْقِرَاءَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثَةُ) إِذَا قَرَأَ جَمَاعَةٌ جُمْلَةً هَلْ يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ الِاسْتِعَاذَةُ، أَوْ تَكْفِي اسْتِعَاذَةُ بَعْضِهِمْ؟ لَمْ أَجِدْ فِيهَا نَصًّا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَيْنًا عَلَى كُلٍّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ بِالْوُجُوبِ وَالِاسْتِحْبَابِ، وَالظَّاهِرُ الِاسْتِعَاذَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اعْتِصَامُ الْقَارِئِ وَالْتِجَاؤُهُ بِاللَّهِ تَعَالَى عَنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَلَا يَكُونُ تَعَوُّذٌ وَاحِدٌ كَافِيًا عَنْ آخَرَ كَمَا اخْتَرْنَاهُ فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى الْأَكْلِ، وَذَكَرْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ سُنَنِ الْكِفَايَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعَةُ) إِذَا قَطَعَ الْقَارِئُ الْقِرَاءَةَ لِعَارِضٍ مِنْ سُؤَالٍ، أَوْ كَلَامٍ يَتَعَلَّقُ بِالْقِرَاءَةِ لَمْ يُعِدِ الِاسْتِعَاذَةَ، وَبِخِلَافِ ذَلِكَ مَا إِذَا كَانَ الْكَلَامُ أَجْنَبِيًّا، وَلَوْ رَدًّا لِلسَّلَامِ، فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الِاسْتِعَاذَةَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْقَطْعُ إِعْرَاضًا عَنِ الْقِرَاءَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقِيلَ: يَسْتَعِيذُ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا.
بَابُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْبَسْمَلَةِ
وَالْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي فُصُولٍ
(الْأَوَّلُ) بَيْنَ السُّورَتَيْنِ. وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِالْبَسْمَلَةِ وَبِغَيْرِهَا وَفِي الْوَصْلِ بَيْنَهُمَا، فَفَصَلَ بِالْبَسْمَلَةِ بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ إِلَّا بَيْنَ الْأَنْفَالِ وَبَرَاءَةٌ ابْنُ كَثِيرٍ، وَعَاصِمٌ، وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَقَالُونُ الْأَصْبَهَانِيُّ عَنْ وَرْشٍ، وَوَصَلَ بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ حَمْزَةُ، وَاخْتُلِفَ عَنْ خَلَفٍ فِي اخْتِيَارِهِ بَيْنَ الْوَصْلِ وَالسَّكْتِ، فَنَصَّ لَهُ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى الْوَصْلِ، وَهُوَ الَّذِي فِي " الْمُسْتَنِيرِ "، " وَالْمُبْهِجِ "، وَ " كِفَايَةِ " سِبْطِ الْخَيَّاطِ، وَغَايَةِ أَبِي الْعَلَاءِ، وَنَصَّ لَهُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ عَلَى السَّكْتِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْآخِذِينَ بِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ كَابْنِ الْكَدِّيِّ، وَابْنِ الْكَالِّ، وَابْنِ زُرَيْقٍ الْحَدَّادِ،، وَأَبِي الْحَسَنِ الدِّيوَانِيِّ، وَابْنِ مُؤْمِنٍ صَاحِبِ الْكَنْزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتُلِفَ أَيْضًا عَنِ الْبَاقِينَ، وَهُمْ أَبُو عَمْرٍو، وَابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute