إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهَا بَعْضُ آيَةٍ مِنْ سُورَةِ النَّمْلِ، وَأَنَّ بَعْضَهَا آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ.
(قُلْتُ) : وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ تَرْجِعُ إِلَى النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَالَّذِي نَعْتَقِدُهُ أَنَّ كِلَيْهُمَا صَحِيحٌ، وَأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ حَقٌّ، فَيَكُونُ الِاخْتِلَافُ فِيهِمَا كَاخْتِلَافِ الْقِرَاءَاتِ. قَالَ السَّخَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَاتَّفَقَ الْقُرَّاءُ عَلَيْهَا فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ، فَإِنَّ ابْنَ كَثِيرٍ، وَعَاصِمًا، وَالْكِسَائِيَّ يَعْتَقِدُونَهَا آيَةً مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ سُورَةٍ، وَوَافَقَهُمْ حَمْزَةُ عَلَى الْفَاتِحَةِ خَاصَّةً. قَالَ: وَأَبُو عَمْرٍو، وَقَالُونُ، وَمَنْ تَابَعَهُ مِنْ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ لَا يَعْتَقِدُونَهَا آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ. انْتَهَى. وَيُحْتَاجُ إِلَى تَعَقُّبٍ، فَلَوْ قَالَ: يَعْتَقِدُونَهَا مِنَ الْقُرْآنِ أَوَّلَ كُلِّ سُورَةٍ لِيَعُمَّ كَوْنَهَا آيَةً مِنْهَا أَوْ فِيهَا، أَوْ بَعْضَ آيَةٍ - لَكَانَ أَسَدَّ ; لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْهُمْ عَدَّهَا آيَةً مِنْ كُلِّ سُورَةٍ سِوَى الْفَاتِحَةِ نَصًّا، وَقَوْلُهُ: إِنَّ قَالُونَ وَمَنْ تَابَعَهُ مِنْ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ لَا يَعْتَقِدُونَهَا آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ، إِذْ قَدْ صَحَّ نَصًّا أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمُسَيَّبِيَّ أَوْثَقَ أَصْحَابِ نَافِعٍ وَأَجَلَّهُمْ، قَالَ: سَأَلْتُ نَافِعًا، عَنْ قِرَاءَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَأَمَرَنِي بِهَا، وَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّهَا آيَةٌ مِنَ السَّبْعِ الْمَثَانِي، وَأَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهَا. رَوَى ذَلِكَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ، عَنْ شَيْخِهِ مُوسَى بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي عَمِّ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، وَرُوِّينَا أَيْضًا عَنِ الْمُسَيَّبِيِّ قَالَ: كُنَّا نَقْرَأُ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أَوَّلَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَفِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَبَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِي الْعَرْضِ وَالصَّلَاةِ، هَكَذَا كَانَ مَذْهَبُ الْقُرَّاءِ بِالْمَدِينَةِ قَالَ: وَفُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ.
(قُلْتُ) : وَحَكَى أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَأَلَ نَافِعًا عَنِ الْبَسْمَلَةِ فَقَالَ: السُّنَّةُ الْجَهْرُ بِهَا، فَسَلَّمَ إِلَيْهِ وَقَالَ: كُلُّ عِلْمٍ يُسْأَلُ عَنْهُ أَهْلُهُ.
ذِكْرُ اخْتِلَافِهِمْ فِي سُورَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ
اخْتَلَفُوا فِي (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) فَقَرَأَ عَاصِمٌ، وَالْكِسَائِيُّ، وَيَعْقُوبُ، وَخَلَفٌ بِالْأَلِفِ مَدًّا، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِغَيْرِ أَلْفٍ قَصْرًا.
وَاخْتَلَفُوا فِي: الصِّرَاطِ، وَصِرَاطٍ. فَرَوَاهُ رُوَيْسٌ حَيْثُ وَقَعَ وَكَيْفَ أَتَى بِالسِّينِ، وَاخْتُلِفَ، عَنْ قُنْبُلٍ، فَرَوَاهُ عَنْهُ بِالسِّينِ كَذَلِكَ ابْنُ مُجَاهِدٍ وَهِيَ رِوَايَةُ أَحْمَدَ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ قُنْبُلٍ، وَرِوَايَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute