كَلَامِهِمْ، ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ، وَمِنْ ذَلِكَ إِمَالَةُ النَّاسِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ رَوَاهُ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي لُغَتِهِمْ لِكَثْرَةِ دَوْرِهِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ أَلِفَ النَّاسِ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ. وَأَمَّا الْإِمَالَةُ لِأَجْلِ الْفَرْقِ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْحَرْفِ فَقَالَ: سِيبَوَيْهِ، وَقَالُوا: بَاءٌ وَتَاءٌ فِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ يَعْنِي بِالْإِمَالَةِ لِأَنَّهَا أَسْمَاءُ مَا يُلْفَظُ بِهِ فَلَيْسَتْ مِثْلَ مَا وَلَا، وَغَيْرِهَا مِنَ الْحُرُوفِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى السُّكُونِ، وَإِنَّمَا جَاءَتْ كَسَائِرِ الْأَسْمَاءِ. انْتَهَى. (قُلْتُ) : وَبِهَذَا السَّبَبِ أُمِيلَ مَا أُمِيلَ مِنْ حُرُوفِ الْهِجَاءِ فِي الْفَوَاتِحِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَأَمَّا وُجُوهُ الْإِمَالَةِ) فَأَرْبَعَةٌ تَرْجِعُ إِلَى الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ، أَصْلُهَا اثْنَانِ وَهُمَا الْمُنَاسَبَةُ وَالْإِشْعَارُ فَأَمَّا الْمُنَاسَبَةُ فَقِسْمٌ وَاحِدٌ وَهُوَ فِيمَا أُمِيلَ لِسَبَبٍ مَوْجُودٍ فِي اللَّفْظِ، وَفِيمَا أُمِيلَ لِإِمَالَةِ غَيْرِهِ فَأَرَادُوا أَنْ يَكُونَ عَمَلُ اللِّسَانِ وَمُجَاوَرَةُ النُّطْقِ بِالْحَرْفِ الْمُمَالِ وَبِسَبَبِ الْإِمَالَةِ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَعَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ. وَأَمَّا الْإِشْعَارُ فَثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ (أَحَدُهَا) الْإِشْعَارُ بِالْأَصْلِ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الْأَلِفُ الْمُمَالَةُ مُنْقَلِبَةً عَنْ يَاءٍ، أَوْ عَنْ وَاوٍ مَكْسُورَةٍ (الثَّانِي) : الْإِشْعَارُ بِمَا يَعْرِضُ فِي الْكَلِمَةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ ظُهُورِ كَسْرَةٍ، أَوْ يَاءٍ حَسْبَمَا تَقْتَضِيهِ التَّصَارِيفُ دُونَ الْأَصْلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَزَا وَطَابَ (الثَّالِثُ) : الْإِشْعَارُ بِالشَّبَهِ الْمُشْعِرِ بِالْأَصْلِ، وَذَلِكَ كَإِمَالَةِ أَلِفِ التَّأْنِيثِ وَالْمُلْحَقِ بِهَا وَالْمُشَبَّهِ أَيْضًا.
(وَأَمَّا فَائِدَةُ الْإِمَالَةِ) فَهِيَ سُهُولَةُ اللَّفْظِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللِّسَانَ يَرْتَفِعُ بِالْفَتْحِ وَيَنْحَدِرُ بِالْإِمَالَةِ وَالِانْحِدَارُ أَخَفُّ عَلَى اللِّسَانِ مِنَ الِارْتِفَاعِ ; فَلِهَذَا أَمَالَ مَنْ أَمَالَ، وَأَمَّا مَنْ فَتَحَ فَإِنَّهُ رَاعَى كَوْنَ الْفَتْحِ أَمْتَنَ، أَوِ الْأَصْلَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
إِذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَإِنَّ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيَّ وَخَلَفًا أَمَالُوا كُلَّ أَلِفٍ مُنْقَلِبَةٍ عَنْ يَاءٍ حَيْثُ وَقَعَتْ فِي الْقُرْآنِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي اسْمٍ أَوْ فِعْلٍ، " فَالْأَسْمَاءُ " نَحْوَ: الْهُدَى. وَالْهَوَى، وَالْعَمَى، وَالزِّنَا، وَمَأْوَاهُ، وَمَأْوَاكُمُ، وَمَثْوَاهُ، وَمَثْوَاكُمْ وَنَحْوَ الْأَدْنَى، وَالْأَزْكَى، وَالْأَعْلَى. وَالْأَشْقَى، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَيَحْيَى " وَالْأَفْعَالُ " نَحْوُ أَتَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute