وَالْفَرَّاءُ وَابْنُ دُرَيْدٍ وَابْنُ كَيْسَانَ إِلَى أَنَّهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَرْفًا فَأَسْقَطُوا مَخْرَجَ النُّونِ وَاللَّامِ وَالرَّاءِ وَجَعَلُوهَا مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ طَرَفُ اللِّسَانِ، وَالصَّحِيحُ عِنْدنَا الْأَوَّلُ لِظُهُورِ ذَلِكَ فِي الِاخْتِيَارِ.
وَاخْتِيَارُ مَخْرَجِ الْحُرُوفِ مُحَقَّقًا: هُوَ أَنْ تَلْفِظَ بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ وَتَأْتِيَ بِالْحُرُوفِ بَعْدَهَا سَاكِنًا أَوْ مُشَدَّدًا، وَهُوَ أَبْيَنُ مُلَاحَظًا فِيهِ صِفَاتُ ذَلِكَ الْحُرُوفِ.
الْمَخْرَجُ الْأَوَّلُ - الْجَوْفُ - وَهُوَ لِلْأَلِفِ وَالْوَاوِ السَّاكِنَةِ الْمَضْمُومِ مَا قَبْلَهَا وَالْيَاءِ السَّاكِنَةِ الْمَكْسُورِ مَا قَبْلَهَا، وَهَذِهِ الْحُرُوفُ تُسَمَّى حُرُوفُ الْمَدِّ وَاللِّينِ، وَتُسَمَّى الْهَوَائِيَّةَ وَالْجَوْفِيَّةَ. قَالَ الْخَلِيلُ: وَإِنَّمَا نُسِبْنَ إِلَى الْجَوْفِ ; لِأَنَّهُ آخِرُ انْقِطَاعِ مَخْرَجِهِنَّ. قَالَ مَكِّيٌّ: وَزَادَ غَيْرُ الْخَلِيلِ مَعَهُنَّ الْهَمْزَةُ ; لِأَنَّ مَخْرَجَهَا مِنَ الصَّدْرِ، وَهُوَ مُتَّصِلٌ بِالْجَوْفِ.
(قُلْتُ) : الصَّوَابُ اخْتِصَاصُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِالْجَوْفِ دُونَ الْهَمْزَةِ لِأَنَّهُنَّ أَصْوَاتٌ لَا يَعْتَمِدْنَ عَلَى مَكَانٍ حَتَّى يَتَّصِلْنَ بِالْهَوَاءِ بِخِلَافِ الْهَمْزَةِ.
الْمَخْرَجُ الثَّانِي - أَقْصَى الْحَلْقِ - وَهُوَ لِلْهَمْزَةِ وَالْهَاءِ. فَقِيلَ: عَلَى مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقِيلَ: الْهَمْزَةُ أَوَّلُ.
الْمَخْرَجُ الثَّالِثُ - وَسَطُ الْحَلْقِ - وَهُوَ لِلْعَيْنِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، فَنَصَّ مَكِّيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ قَبْلَ الْحَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ وَغَيْرِهِ، وَنَصَّ شُرَيْحٌ عَلَى أَنَّ الْحَاءَ قَبْلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَهْدَوِيِّ وَغَيْرِهِ.
الْمَخْرَجُ الرَّابِعُ - أَدْنَى الْحَلْقِ إِلَى الْفَمِ - وَهُوَ لِلْغَيْنِ وَالْخَاءِ، وَنَصَّ شُرَيْحٌ عَلَى أَنَّ الْغَيْنَ قَبْلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ أَيْضًا، وَنَصَّ مَكِّيٌّ عَلَى تَقْدِيمِ الْخَاءِ، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَرُوفٍ النَّحْوِيُّ: إِنَّ سِيبَوَيْهِ لَمْ يَقْصِدْ تَرْتِيبًا فِيمَا هُوَ مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ. قُلْتُ: وَهَذِهِ السِّتَّةُ الْأَحْرُفُ الْمُخْتَصَّةُ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَخَارِجِ هِيَ الْحُرُوفُ الْحَلْقِيَّةُ.
الْمَخْرَجُ الْخَامِسُ - أَقْصَى اللِّسَانِ مِمَّا يَلِي الْحَلْقَ وَمَا فَوْقَهُ مِنَ الْحَنَكِ - وَهُوَ لِلْقَافِ، وَقَالَ شُرَيْحٌ: إِنَّ مَخْرَجَهَا مِنَ اللَّهَاةِ مِمَّا يَلِي الْحَلْقَ وَمَخْرَجَ الْخَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute