حُرُوفُ الْإِطْبَاقِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهَا أَقْوَاهَا تَفْخِيمًا، وَزَادَ مَكِّيٌّ عَلَيْهَا الْأَلِفَ، وَهُوَ وَهْمٌ، فَإِنَّ الْأَلِفَ تَتْبَعُ مَا قَبْلَهَا فَلَا تُوصَفُ بِتَرْقِيقٍ وَلَا تَفْخِيمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَمِنْهَا الْحُرُوفُ الْمُنْفَتِحَةُ) وَضِدُّهَا: الْمُنْطَبِقَةُ وَالْمُطْبِقَةُ: وَالِانْطِبَاقُ مِنْ صِفَاتِ الْقُوَّةِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الصَّادُ، وَالضَّادُ، وَالطَّاءُ، وَالظَّاءُ.
(وَحُرُوفُ الصَّفِيرِ) ثَلَاثَةٌ: الصَّادُ، وَالسِّينُ، وَالزَّايُ وَهِيَ الْحُرُوفُ الْأَسَلِيَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ.
(وَحُرُوفُ الْقَلْقَلَةِ) وَيُقَالُ اللَّقْلَقَةُ خَمْسٌ يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ: قُطْبُ جَدٍّ، وَأَضَافَ بَعْضُهُمْ إِلَيْهَا الْهَمْزَةَ لِأَنَّهَا مَجْهُورَةٌ شَدِيدَةٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا الْجُمْهُورُ لِمَا يَدْخُلُهَا مِنَ التَّخْفِيفِ حَالَةَ السُّكُونِ فَفَارَقَتْ أَخَوَاتِهَا وَلِمَا يَعْتَرِيهَا مِنَ الْإِعْلَالِ وَذَكَرَ سِيبَوَيْهِ مَعَهَا التَّاءَ مَعَ أَنَّهَا الْمَهْمُوسَةُ وَذَكَرَ لَهَا نَفْخًا، وَهُوَ قَوِيٌّ فِي الِاخْتِبَارِ، وَذَكَرَ الْمُبَرِّدُ مِنْهَا الْكَافَ، إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَهَا دُونَ الْقَافِ. قَالَ: وَهَذِهِ الْقَلْقَلَةُ بَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْحُرُوفُ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا إِذَا سَكَنَتْ ضَعُفَتْ فَاشْتَبَهَتْ بِغَيْرِهَا فَيَحْتَاجُ إِلَى ظُهُورِ صَوْتٍ يُشْبِهُ النَّبْرَةَ حَالَ سُكُونِهِنَّ فِي الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ وَإِلَى زِيَادَةِ إِتْمَامِ النُّطْقِ بِهِنَّ، فَذَلِكَ الصَّوْتُ فِي سُكُونِهِنَّ أَبْيَنُ مِنْهُ فِي حَرَكَتِهِنَّ، وَهُوَ فِي الْوَقْفِ أَمْكَنُ، وَأَصْلُ هَذِهِ الْحُرُوفِ الْقَافُ ; لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُؤْتَى بِهِ سَاكِنًا إِلَّا مَعَ صَوْتٍ زَائِدٍ لِشِدَّةِ اسْتِعْلَائِهِ.
وَذَهَبَ مُتَأَخِّرُو أَئِمَّتِنَا إِلَى تَخْصِيصِ الْقَلْقَلَةِ بِالْوَقْفِ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ مَا رَأَوْهُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّ الْقَلْقَةَ تَظْهَرُ فِي هَذِهِ الْحُرُوفِ بِالْوَقْفِ، فَظَنُّوا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْفِ ضِدُّ الْوَصْلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ سِوَى السُّكُونِ، فَإِنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ يُطْلِقُونَ الْوَقْفَ عَلَى السُّكُونِ، وَقَوَّى الشُّبْهَةَ فِي ذَلِكَ كَوْنُ الْقَلْقَلَةِ فِي الْوَقْفِ الْعُرْفِيِّ أَبْيَنَ وَحُسْبَانُهُمْ أَنَّ الْقَلْقَلَةَ حَرَكَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الْخَلِيلُ: الْقَلْقَلَةُ شِدَّةُ الصِّيَاحِ، وَاللَّقْلَقَةُ شِدَّةُ الصَّوْتِ.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْحَسَنِ شُرَيْحُ بْنُ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَيْحٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute