فِي بَوَادِي الْيَمَنِ، وَإِذَا سَكَنَتْ وَأَتَى بَعْدَهَا بَعْضُ الْحُرُوفِ الْمَهْمُوسَةِ كَانَ الِاحْتِرَازُ بِجَهْرِهَا وَشِدَّتِهَا أَبْلَغَ نَحْوَ: اجْتَمَعُوا، وَاجْتَنِبُوا، وَ (خَرَجْتَ) ، وَ (تَجْرِي) ، وَ (تُجْزَوْنَ) ، وَزَجْرًا، وَ (رِجْسًا) ، لِئَلَّا تَضْعُفَ فَتُمْزَجَ بِالشِّينِ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ مُشَدَّدَةً نَحْوُ: الْحَجَّ، وَ (أَتُحَاجُّونِّي) ، وَحَاجَّهُ - لَا سِيَّمَا - نَحْوَ لُجِّيٍّ، وَيُوَجَّهُ لِأَجْلِ مُجَانَسَةِ الْيَاءِ وَخَفَاءِ الْهَاءِ.
وَالْحَاءُ: وَالْحَاءُ تَجِبُ الْعِنَايَةُ بِإِظْهَارِهَا إِذَا وَقَعَ بَعْدَهَا مُجَانِسُهَا، أَوْ مُقَارِبُهَا، لَا سِيَّمَا إِذَا سَكَنَتْ نَحْوَ: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ، وَسَبِّحْهُ، فَكَثِيرٌ مَا يَقْلِبُونَهَا فِي الْأَوَّلِ عَيْنًا وَيُدْغِمُونَهَا، وَكَذَلِكَ يَقْلِبُونَ الْهَاءَ فِي " وَسَبِّحْهُ " حَاءً لِضَعْفِ الْهَاءِ وَقُوَّةِ الْحَاءِ فَتَجْذِبُهَا فَيَنْطِقُونَ بِحَاءٍ مُشَدَّدَةٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِجْمَاعًا، كَذَلِكَ يَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِتَرْقِيقِهَا إِذَا جَاوَرَهَا حَرْفُ الِاسْتِعْلَاءِ نَحْوَ: أَحَطتُ، وَ (الْحَقُّ) ، فَإِنِ اكْتَنَفَهَا حَرْفَانِ كَانَ ذَلِكَ أَوْجَبَ نَحْوَ: حَصْحَصَ.
وَالْخَاءُ: يَجِبُ تَفْخِيمُهَا وَسَائِرُ حُرُوفِ الِاسْتِعْلَاءِ وَتَفْخِيمُهَا إِذَا كَانَتْ مَفْتُوحَةً أَبْلَغُ، وَإِذَا وَقَعَ بَعْدَهَا أَلِفٌ أَمْكَنُ نَحْوَ: خَلَقَ، وَ (غَلَبَ) ، وَطَغَى، وَ (صَعِيدًا) ، وَضَرَبَ، وَ (خَالِقُ) ، وَ (صَادِقَ) ، وَ (ضَالِّينَ) ، وَطَائِفٌ وَ (ظَالِمٌ) . قَالَ ابْنُ الطَّحَّانِ الْأَنْدَلُسِيُّ فِي تَجْوِيدِهِ: الْمُفَخَّمَاتُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: ضَرْبٌ يَتَمَكَّنُ التَّفْخِيمُ فِيهِ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَحَدُ حُرُوفِ الِاسْتِعْلَاءِ مَفْتُوحًا، وَضَرْبٌ دُونَ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنْ يَقَعَ مَضْمُومًا، وَضَرْبٌ دُونَ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَكْسُورًا. انْتَهَى.
وَالدَّالُ: فَإِذَا كَانَتْ بَدَلًا مِنْ تَاءٍ وَجَبَ بَيَانُهَا لِئَلَّا يَمِيلَ اللِّسَانُ بِهَا إِلَى أَصْلِهَا نَحْوَ: مُزْدَجَرٌ، وَتَزْدَرِي.
وَالذَّالُ: يُعْتَنَى بِإِظْهَارِهَا إِذَا سَكَنَتْ وَأَتَى بَعْدَهَا نُونٌ نَحْوَ: فَنَبَذْنَاهُ، وَإِذْ نَتَقْنَا، وَكَذَلِكَ يُعْتَنَى بِتَرْقِيقِهَا وَبَيَانِ انْفِتَاحِهَا وَاسْتِفَالِهَا إِذَا جَاوَرَهَا حَرْفٌ مُفَخَّمٌ وَإِلَّا رُبَّمَا انْقَلَبَتْ ظَاءً نَحْوَ: ذَرْهُمْ، وَذَرْهُ، وَ (أَنْذَرْتُكُمْ) ، وَ (الْأَذْقَانِ) ، وَلَا سِيَّمَا فِي نَحْوِ: الْمُنْذَرِينَ، وَمُحَذِّرًا، وَذَلَّلْنَا، لِئَلَّا تَشْتَبِهَ بِنَحْوِ: الْمُنْتَظِرِينَ، وَ (مَحْظُورًا) ، وَظَلَّلْنَا، وَبَعْضُ النَّبَطِ يَنْطِقُ بِهَا دَالًّا مُهْمَلَةً، وَبَعْضُ الْعَجَمِ يَجْعَلُهَا زَايًا، فَلْيَتَحَفَّظْ مِنْ ذَاكَ.
وَالرَّاءُ: انْفَرَدَ بِكَوْنِهِ مُكَرَّرًا صِفَةً لَازِمَةً لَهُ لِغِلَظِهِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِذَا تَكَلَّمْتَ بِهَا خَرَجَتْ كَأَنَّهَا مُضَاعَفَةٌ. وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ حَقِيقَةَ التَّكْرِيرِ تَرْعِيدُ اللِّسَانِ بِهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute