وَمَوَانِعُهُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا ثَلَاثَةٌ: كَوْنُ الْأَوَّلِ تَاءَ ضَمِيرٍ، أَوْ مُشَدَّدًا، أَوْ مُنَوَّنًا. أَمَّا تَاءُ الضَّمِيرِ فَسَوَاءٌ كَانَ مُتَكَلِّمًا أَوْ مُخَاطَبًا نَحْوُ كُنْتُ تُرَابًا أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ خَلَقْتَ طِينًا جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا، وَأَمَّا الْمُشَدَّدُ فَنَحْوُ رَبِّ بِمَا، مَسَّ سَقَرَ، فَتَمَّ مِيقَاتُ، الْحَقُّ كَمَنْ، أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا، وَهَمَّ بِهَا وَلَيْسَ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ مِنْ بَابِ الْإِدْغَامِ ; فَلِذَلِكَ نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا الْمُنَوَّنُ فَنَحْوُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، سَمِيعٌ عَلِيمٌ، وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ، نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا، فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ، شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ، رَجُلٌ رَشِيدٌ، لَذِكْرٌ لَكَ، كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ، لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ. وَقَدْ وَهِمَ فِيهِ الْجَعْبَرِيُّ، وَتَقَدَّمَهُ إِلَى ذَلِكَ الْهُذَلِيُّ،.
وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ: الْجَزْمُ، قِيلَ: وَقِلَّةُ الْحُرُوفِ وَتَوَالِي الْإِعْلَالِ وَمَصِيرُهُ إِلَى حَرْفِ مَدٍّ، وَاخْتُصَّ بَعْضُ الْمُتَقَارِبَيْنِ بِخِفَّةِ الْفَتْحَةِ، أَوْ بِسُكُونِ مَا قَبْلَهُ، أَوْ بِهِمَا كِلَيْهِمَا، أَوْ بِفَقْدِ الْمُجَاوِرِ، أَوْ عَدَمِ التَّكَرُّرِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا تَكَافَأَ فِي الْمَنْزِلَةِ مِنَ الْحُرُوفِ الْمُتَقَارِبَةِ فَإِدْغَامُهُ جَائِزٌ، وَمَا زَادَ صَوْتُهُ فَإِدْغَامُهُ مُمْتَنِعٌ؛ لِلْإِخْلَالِ الَّذِي يَلْحَقُهُ، وَإِدْغَامُ الْأَنْقَصِ صَوْتًا فِي الْأَزْيَدِ جَائِزٌ مُخْتَارٌ لِخُرُوجِهِ مِنْ حَالِ الضَّعْفِ إِلَى حَالِ الْقُوَّةِ.
فَأَمَّا الْجَزْمُ فَوَرَدَ فِي الْمُتَمَاثِلَيْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ، يَخْلُ لَكُمْ، وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا، وَفِي الْمُتَجَانِسَيْنِ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُلْحِقَ بِهِ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى لِقُوَّةِ الْكَسْرَةِ، وَفِي الْمُتَقَارِبَيْنِ فِي قَوْلِهِ: وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى الِاعْتِدَادِ بِهِ مَانِعًا مُطْلَقًا، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُجَاهِدٍ وَأَصْحَابِهِ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ شَنَبُوذَ وَأَبِي بَكْرٍ الدَّاجُونِيِّ، وَالْمَشْهُورُ الِاعْتِدَادُ بِهِ فِي الْمُتَقَارِبَيْنِ وَإِجْرَاءُ الْوَجْهَيْنِ فِي غَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَفْتُوحًا بَعْدَ سَاكِنٍ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْخِلَافُ فِي يُؤْتَ سَعَةً ضَعِيفًا، وَفِي غَيْرِهِ قَوِيًّا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ مُفَصَّلًا.
فَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ وَالسَّبَبُ وَارْتَفَعَ الْمَانِعُ جَازَ الْإِدْغَامُ، فَإِنْ كَانَا مِثْلَيْنِ أُسْكِنَ الْأَوَّلُ وَأُدْغِمَ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مِثْلَيْنِ قُلِبَ كَالثَّانِي وَأُسْكِنَ، ثُمَّ أُدْغِمَ وَارْتَفَعَ اللِّسَانُ عَنْهُمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ وَقْفٍ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَا فَصْلٍ بِحَرَكَةٍ، وَلَا رَوْمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute