للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تَفَاوُتِ الْمُتَّصِلِ، وَفِي اتِّفَاقِ هِشَامٍ وَابْنِ ذَكْوَانَ، وَوَرْشٍ مِنْ طَرِيقَيْهِ عَلَى مَدِّ الْمُنْفَصِلِ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلَفٍ فِي " الْعُنْوَانِ ": إِنَّ ابْنَ كَثِيرٍ وَقَالُونَ وَأَبَا عَمْرٍو يَتْرُكُ الزِّيَادَةَ فِي الْمُنْفَصِلِ وَيَمُدُّ الْمُتَّصِلَ زِيَادَةً مُشْبَعَةً، وَإِنَّ الْبَاقِينَ بِالْمَدِّ الْمُشْبَعِ بِالضَّرْبَيْنِ، وَأَطْوَلُهُمْ مَدًّا وَرْشٌ وَحَمْزَةُ، كَذَا ذَكَرَ فِي " الِاكْتِفَاءِ "، وَكَذَا نَصَّ شَيْخُهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ الطَّرَسُوسِيُّ فِي " الْمُجْتَبَى ": (فَهَذَا مَا حَضَرَنِي مِنْ نُصُوصِهِمْ) وَلَا يَخْفَى مَا فِيهَا مِنَ الِاخْتِلَافِ الشَّدِيدِ فِي تَفَاوُتِ الْمَرَاتِبِ، وَإِنَّهُ مَا مِنْ مَرْتَبَةٍ ذُكِرَتْ لِشَخْصٍ مِنَ الْقُرَّاءِ إِلَّا وَذُكِرَ لَهُ مَا يَلِيهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ قُرْبِ كُلِّ مَرْتَبَةٍ مِمَّا يَلِيهَا، وَإِنَّ مِثْلَ هَذَا التَّفَاوُتِ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ، وَالْمُنْضَبِطُ مِنْ ذَلِكَ غَالِبًا هُوَ الْقَصْرُ الْمَحْضُ وَالْمَدُّ الْمُشْبَعُ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ عُرْفًا، وَالتَّوَسُّطُ بَيْنَ ذَلِكَ. وَهَذِهِ الْمَرَاتِبُ تَجْرِي فِي الْمُنْفَصِلِ، وَيَجْرِي مِنْهَا فِي الْمُتَّصِلِ الِاثْنَانِ الْأَخِيرَانِ، وَهُمَا الْإِشْبَاعُ وَالتَّوَسُّطُ، يَسْتَوِي فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَكْثَرُ النَّاسِ، وَيَشْتَرِكُ فِي ضَبْطِهِ غَالِبِيَّتُهُمْ، وَتَحْكُمُ الْمُشَافَهَةُ حَقِيقَتَهُ، وَيُبَيِّنُ الْأَدَاءُ كَيْفِيَّتَهُ، وَلَا يَكَادُ تَخْفَى مَعْرِفَتُهُ عَلَى أَحَدٍ، وَهُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَئِمَّتِنَا قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ الطَّرَسُوسِيُّ، وَصَاحِبُهُ أَبُو الطَّاهِرِ بْنُ خَلَفٍ، وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ ; وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ فِي قَصِيدَتِهِ فِي الضَّرْبَيْنِ تَفَاوُتًا، وَلَا نَبَّهَ عَلَيْهِ، بَلْ جَعَلَ ذَلِكَ مِمَّا تَحْكُمُهُ الْمُشَافَهَةُ فِي الْأَدَاءِ، وَبِهِ أَيْضًا كَانَ يَأْخُذُ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْجُودِ غِيَاثُ بْنُ فَارِسٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأُسْتَاذِ الْمُحَقِّقِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَصَّاعِ الدِّمَشْقِيِّ، وَقَالَ: هَذَا الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ، وَلَا يَكَادُ يَتَحَقَّقُ غَيْرُهُ.

(قُلْتُ) : وَهُوَ الَّذِي أَمِيلُ إِلَيْهِ وَآخُذُ بِهِ غَالِبًا وَأُعَوِّلُ عَلَيْهِ، فَآخُذُ فِي الْمُنْفَصِلِ بِالْقَصْرِ الْمَحْضِ لِابْنِ كَثِيرٍ وَابْنِ جَعْفَرٍ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ عَنْهُمَا؛ عَمَلًا بِالنُّصُوصِ الصَّرِيحَةِ وَالرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ، وَلِقَالُونَ بِالْخِلَافِ مِنْ طَرِيقَيْهِ، وَكَذَلِكَ لِيَعْقُوبَ مِنْ رِوَايَتَيْهِ جَمِيعًا بَيْنَ الطُّرُقِ، وَلِأَبِي عَمْرٍو إِذَا أَدْغَمَ الْإِدْغَامَ الْكَبِيرَ عَمَلًا بِنُصُوصِ مَنْ تَقَدَّمَ، وَأَجْرَى الْخِلَافَ عَنْهُ مَعَ الْإِظْهَارِ لِثُبُوتِهِ نَصًّا وَأَدَاءً