غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا اسْتَثْنَى مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا قَدَّرَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا نَصَّ عَلَى التَّمْكِينِ بَعْدَ الْهَمْزَةِ الْمُحَقَّقَةِ وَالْمُغَيَّرَةِ بِالنَّقْلِ أَوْ بِالْبَدَلِ خَاصَّةً، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِمَّا بَعْدَ الْهَمْزَةِ الْمُحَقَّقَةِ، فَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْجِنْسِ، فَلَوْ نَصَّ عَلَى اسْتِثْنَاءِ مَا بَعْدَ الْهَمْزَةِ الْمُغَيَّرَةِ بَيْنَ بَيْنَ لَكَانَ اسْتِثْنَاءً مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، فَلَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ، وَاسْتِثْنَاؤُهُ مَا بَعْدَ الْهَمْزَةِ الْمُجْتَلَبَةِ لِلِابْتِدَاءِ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مُحَقَّقَةٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ عَلِمْنَاهُ مِنْ صَاحِبِ " الْهِدَايَةِ " وَ " الْكَافِي " وَ " التَّبْصِرَةِ " وَغَيْرِهِمْ لَمْ يُمَثِّلُوا بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، إِلَّا أَنَّ إِطْلَاقَهُمُ التَّسْهِيلَ قَدْ يَرْجِعُ إِدْخَالَ نَوْعٍ بَيْنَ بَيْنَ، وَإِنْ لَمْ يُمَثِّلُوا بِهِ، وَالْجُمْلَةُ فَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ مُتَقَدِّمِي أَئِمَّتِنَا نَصَّ فِيهِ بِشَيْءٍ. نَعَمْ عِبَارَةُ الشَّاطِبِيِّ صَرِيحَةٌ بِدُخُولِهِ ; وَلِذَلِكَ مَثَّلَ بِهِ شُرَّاحُ كَلَامِهِ، وَهُوَ الَّذِي صَحَّ أَدَاءً، وَبِهِ يُؤْخَذُ، عَلَى أَنِّي لَا أَمْنَعُ إِجْرَاءَ الْخِلَافِ فِي الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ عَمَلًا بِظَوَاهِرِ عِبَارَاتِ مَنْ لَمْ يَذْكُرْهَا، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) إِجْرَاءُ الْوَجْهَيْنِ مِنَ الْمَدِّ وَضِدِّهِ مِنَ الْمُغَيَّرِ بِالنَّقْلِ، إِنَّمَا يَتَأَتَّى حَالَةَ الْوَصْلِ. أَمَّا حَالَةُ الِابْتِدَاءِ إِذَا وَقَعَ بَعْدَ لَامِ التَّعْرِيفِ فَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ بِالْعَارِضِ، فَالْوَجْهَانِ فِي نَحْوِ (الْآخِرَةُ) ، (الْإِيمَانِ) ، (الْمَوْلَى) جَارِيَانِ، وَإِنِ اعْتُدَّ بِالْعَارِضِ فَالْقَصْرُ لَيْسَ إِلَّا نَحْوُ (الْآخِرَةُ) ، (الْإِيمَانِ) ، (الْمَوْلَى) لِقُوَّةِ الِاعْتِدَادِ بِالْعَارِضِ فِي ذَلِكَ، وَلِعَدَمِ تَصَادُمِ الْأَصْلَيْنِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَهْلُ التَّحْقِيقِ مِنْ أَئِمَّتِنَا. قَالَ مَكِّيٌّ فِي " الْكَشْفِ ": إِنَّ وَرْشًا لَا يَمُدُّ (الْأُولَى) ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ مَدُّ حَرْفِ الْمَدِّ بَعْدَ الْهَمْزِ الْمُغَيَّرِ ; لِأَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ هَمْزًا مُغَيَّرًا إِلَّا أَنَّهُ قَدِ اعْتَدَّ بِحَرَكَةِ اللَّامِ، فَكَأَنْ لَا هَمْزَ فِي الْكَلِمَةِ، فَلَا مَدَّ. انْتَهَى، وَأَمَّا الْأَصْلُ الْمُطَّرِدُ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ فَهُوَ حَرْفُ الْمَدِّ إِذَا وَقَعَ بَعْدَ هَمْزَةِ الْوَصْلِ حَالَةَ الِابْتِدَاءِ نَحْوُ (ايْتِ بِقُرْآنٍ. ايْتُونِي اوْتُمِنَ ايْذَنْ لِي) فَنَصَّ عَلَى اسْتِثْنَائِهِ وَتَرْكِ الزِّيَادَةِ فِي مَدِّهِ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي جَمِيعِ كُتُبِهِ، وَأَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ، وَالشَّاطِبِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَنَصَّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا مِنَ الْمَدِّ، وَتَرَكَهُ ابْنُ سُفْيَانَ وَابْنُ شُرَيْحٍ وَمَكِّيٌّ، وَقَالَ فِي " التَّبْصِرَةِ ": وَكَلَا الْوَجْهَيْنِ حَسَنٌ، وَتَرْكُ الْمَدِّ أَقْيَسُ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمَهْدَوِيُّ وَلَا ابْنُ الْفَحَّامِ وَلَا ابْنُ بَلِّيمَةَ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute