الْمَهْدَوِيُّ. وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْحَسَنِ طَاهِرُ بْنُ غَلْبُونَ فِي " التَّذْكِرَةِ ": وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ حَسَنٌ غَيْرَ أَنِّي بِغَيْرِ مَدٍّ قَرَأْتُ فِيهِمَا، وَبِهِ آخُذُ.
(قُلْتُ) : إِنَّمَا رُجِّحَ الْقَصْرُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ السَّاكِنَ ذَهَبَ بِالْحَرَكَةِ، وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْفَاسِيِّ: وَلَوْ أُخِذَ بِالتَّوَسُّطِ فِي ذَلِكَ مُرَاعَاةً لِجَانِبَيِ اللَّفْظِ وَالْحُكْمِ لَكَانَ وَجْهًا - فَإِنَّهُ تَفَقُّهٌ وَقِيَاسٌ لَا يُسَاعِدُهُ نَقْلٌ، وَسَيَأْتِي عِلَّةُ مَنْعِهِ وَالْفَرْقُ فِي التَّنْبِيهِ الْعَاشِرِ قَرِيبًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(التَّاسِعُ) إِذَا قُرِئَ لِوَرْشٍ بِإِبْدَالِ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْمُتَّفِقَتَيْنِ فِي كَلِمَتَيْنِ حَرْفَ مَدٍّ وَحُرِّكَ مَا بَعْدَ الْحَرْفِ الْمُبْدَلِ بِحَرَكَةٍ عَارِضَةٍ وَصْلًا، إِمَّا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ نَحْوُ (لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ) أَوْ بِإِلْقَاءِ الْحَرَكَةِ نَحْوُ (عَلَى الْبِغَا إِنْ أَرَدْنَ) ، وَلِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ جَازَ الْقَصْرُ إِنِ اعْتُدَّ بِحَرَكَةِ الثَّانِي، فَيَصِيرُ مِثْلَ (فِي السَّمَا إِلَهٌ) ، وَجَازَ الْمَدُّ إِنْ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا فَيَصِيرُ مِثْلَ (هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ) ، وَذَلِكَ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ.
(الْعَاشِرُ) تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوَسُّطُ فِيمَا تَغَيَّرَ سَبَبُ الْمَدِّ فِيهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَجُوزُ فِيمَا تَغَيَّرَ سَبَبُ الْقَصْرِ نَحْوُ (نَسْتَعِينُ) . فِي الْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الِاعْتِدَادِ بِالْعَارِضِ فِيهِمَا وَعَدَمِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَدَّ فِي الْأَوَّلِ هُوَ الْأَصْلُ، ثُمَّ عَرَضَ التَّغْيِيرُ فِي السَّبَبِ، وَالْأَصْلُ أَنْ لَا يُعْتَدُّ بِالْعَارِضِ فَمُدَّ عَلَى الْأَصْلِ، وَحَيْثُ اعْتُدَّ بِالْعَارِضِ قُصِرَ إِذَا كَانَ الْقَصْرُ ضِدًّا لِلْمَدِّ، وَالْقَصْرُ لَا يَتَفَاوَتُ، وَأَمَّا الْقَصْرُ فِي الثَّانِي فَإِنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ عَدَمًا لِلِاعْتِدَادِ بِالْعَارِضِ، فَهُوَ كَالْمَدِّ فِي الْأَوَّلِ، ثُمَّ عَرَضَ سَبَبُ الْمَدِّ، وَحَيْثُ اعْتُدَّ بِالْعَارِضِ مُدَّ، وَإِنْ كَانَ ضِدًّا لِلْقَصْرِ، إِلَّا أَنَّهُ يَتَفَاوَتُ طُولًا وَتَوَسُّطًا، فَأَمْكَنَ التَّفَاوُتُ فِيهِ، وَاطَّرَدَتْ فِي ذَلِكَ الْقَاعِدَةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) فِي الْعَمَلِ بِأَقْوَى السَّبَبَيْنِ، وَفِيهِ فُرُوعٌ:
(الْأَوَّلُ) إِذَا قُرِئَ نَحْوُ قَوْلِهِ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) ، وَ (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ، وَ (فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) لِحَمْزَةَ فِي مَذْهَبِ مَنْ رَوَى الْمَدَّ لِلْمُبَالَغَةِ عَنْهُ، فَإِنَّهُ يَجْتَمِعُ فِي ذَلِكَ السَّبَبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute