مِنْهُ وَفِي تَسْهِيلِهَا بَيْنَ بَيْنَ، فَقَرَأَ بِتَحْقِيقِهَا الْكُوفِيُّونَ وَرَوْحٌ، وَسَهَّلَهَا الْبَاقُونَ، وَلَمْ يُدْخِلْ أَحَدٌ بَيْنَهَا أَلِفًا؛ لِئَلَّا يَصِيرَ اللَّفْظُ فِي تَقْدِيرِ أَرْبَعِ أَلِفَاتٍ: الْأُولَى هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ، وَالثَّانِيَةُ الْأَلِفُ الْفَاصِلَةُ، وَالثَّالِثَةُ هَمْزَةُ الْقَطْعِ، وَالرَّابِعَةُ الْمُبْدَلَةُ مِنَ الْهَمْزَةِ السَّاكِنَةِ، وَذَلِكَ إِفْرَاطٌ فِي التَّطْوِيلِ، وَخُرُوجٌ عَنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَكَذَلِكَ لَمْ يُبْدِ أَحَدٌ مِمَّنْ رَوَى إِبْدَالَ الثَّانِيَةِ فِي نَحْوِ (أَأَنْذَرْتَهُمْ) عَنِ الْأَزْرَقِ، عَنْ وَرْشٍ، بَلِ اتَّفَقَ أَصْحَابُ الْأَزْرَقِ قَاطِبَةً عَلَى تَسْهِيلِهَا بَيْنَ بَيْنَ؛ لِمَا يَلْزَمُ مِنِ الْتِبَاسِ الِاسْتِفْهَامِ بِالْخَبَرِ بِاجْتِمَاعِ الْأَلِفَيْنِ وَحَذْفِ إِحْدَاهُمَا. قَالَ ابْنُ الْبَاذِشِ فِي " الْإِقْنَاعِ ": وَمَنْ أَخَذَ لِوَرْشٍ فِي: أَأَنْذَرْتَهُمْ بِالْبَدَلِ لَمْ يَأْخُذْ هُنَا إِلَّا بَيْنَ بَيْنَ.
(قُلْتُ) : وَكَذَلِكَ لَمْ يَذْكُرِ الدَّانِيُّ وَأَبُو سُفْيَانَ وَالْمَهْدَوِيُّ وَابْنُ شُرَيْحٍ وَمَكِّيٌّ وَابْنُ الْفَحَّامِ وَغَيْرُهُمْ فِيهَا سِوَى بَيْنَ بَيْنَ، وَذَكَرَ الدَّانِيُّ فِي غَيْرِ " التَّيْسِيرِ " أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الْأُذْفَوِيَّ ذَكَرَ الْبَدَلَ فِيهَا وَفِيمَا كَانَ مِثْلَهَا عَنْ وَرْشٍ فِي كِتَابِهِ " الِاسْتِغْنَاءُ " عَلَى أَصْلِهِ فِي نَحْوِ (أَأَنْذَرْتَهُمْ) ، وَشِبْهِهِ. قَالَ الْأُذْفَوِيُّ: لَمْ يَمُدَّهَا هُنَا لِاجْتِمَاعِ الْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ مِنْ هَمْزَةِ الْقَطْعِ مَعَ الْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ مِنْ هَمْزَةِ الْوَصْلِ؛ لِئَلَّا يَلْتَقِيَ سَاكِنَانِ. قَالَ: وَيُشْبِعُ الْمَدَّ لِيَدُلَّ بِذَلِكَ أَنَّ مَخْرَجَهَا مَخْرَجُ الِاسْتِفْهَامِ دُونَ الْخَبَرِ.
(قُلْتُ) : وَهَذَا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ وَخَالَفَ فِيهِ سَائِرَ النَّاسِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ قِيَاسًا وَرِوَايَةً وَمُصَادِمٌ لِمَذْهَبِ وَرْشٍ نَفْسِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمَدُّ مِنْ أَجْلِ الِاسْتِفْهَامِ فَلِمَ نَرَاهُ يُجِيزُ الْمَدَّ فِي نَحْوِ (آمَنَ الرَّسُولُ) وَيُخْرِجُهُ بِذَلِكَ عَنِ الْخَبَرِ إِلَى الِاسْتِفْهَامِ، وَالْعَجَبُ أَنَّ بَعْضَ شُرَّاحِ " الشَّاطِبِيَّةِ " يُجِيزُ ذَلِكَ، وَيُجِيزُ فِيهِ أَيْضًا الثَّلَاثَةَ الْأَوْجَهِ الَّتِي فِي نَحْوِ (أَئِفْكًا آلِهَةً) فَلَيْتَ شِعْرِي مَاذَا يَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي (أَأَمِنْتُمْ) فِي الثَّلَاثَةِ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَالضَّرْبُ الثَّانِي) الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بَيْنَ الِاسْتِفْهَامِ وَالْخَبَرِ يَأْتِي بَعْدَ هَمْزَةِ الْقَطْعِ فِيهِ سَاكِنٌ صَحِيحٌ وَحَرْفُ مَدٍّ، وَلَمْ يَقَعْ بَعْدَهُ مُتَحَرِّكٌ، فَالَّذِي بَعْدَهُ سَاكِنٌ صَحِيحٌ أَرْبَعَةُ مَوَاضِعَ.
(أَوَّلُهَا) (أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ) فِي آلِ عِمْرَانَ، فَكُلُّهُمْ قَرَأَهُ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute