للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي " كِفَايَتِهِ " مِنَ الطَّرِيقَيْنِ، وَالْوَجْهَانِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي نَشِيطٍ فِي " التَّيْسِيرِ "، وَ " الشَّاطِبِيَّةِ "، وَ " الْإِعْلَانِ "، وَغَيْرِهَا. فَهَذِهِ ضُرُوبُ هَمْزَةِ الْقَطْعِ وَأَقْسَامُهَا وَأَحْكَامُهَا.

وَأَمَّا هَمْزَةُ الْوَصْلِ الْوَاقِعَةُ بَعْدَ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ فَتَأْتِي عَلَى قِسْمَيْنِ: مَفْتُوحَةٌ وَمَكْسُورَةٌ. فَالْمَفْتُوحَةُ أَيْضًا عَلَى ضَرْبَيْنِ: ضَرْبٌ اتَّفَقُوا عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالِاسْتِفْهَامِ، وَضَرْبٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَالضَّرْبُ الْأَوَّلُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ آلذَّكَرَيْنِ فِي مَوْضِعَيِ الْأَنْعَامِ آلْآنَ وَقَدْ فِي مَوْضِعَيِ يُونُسَ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ فِي يُونُسَ آللَّهُ خَيْرٌ فِي النَّمْلِ، فَأَجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ حَذْفِهَا وَإِثْبَاتِهَا مَعَ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ فَرْقًا بَيْنَ الِاسْتِفْهَامِ وَالْخَبَرِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ تَحْقِيقِهَا لِكَوْنِهَا هَمْزَةَ وَصْلٍ، وَهَمْزَةُ الْوَصْلِ لَا تَثْبُتُ إِلَّا ابْتِدَاءً، وَأَجْمَعُوا عَلَى تَلْيِينِهَا.

وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّتِهِ، فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: تُبْدَلُ أَلِفًا خَالِصَةً. وَجَعَلُوا الْإِبْدَالَ لَازِمًا لَهَا كَمَا يَلْزَمُ إِبْدَالُ الْهَمْزَةِ إِذَا وَجَبَ تَخْفِيفُهَا فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ. قَالَ الدَّانِيُّ: هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ النَّحْوِيِّينَ. وَهُوَ قِيَاسُ مَا رَوَاهُ الْمِصْرِيُّونَ أَدَاءً، عَنْ وَرْشٍ، عَنْ نَافِعٍ، يَعْنِي فِي نَحْوِ أَأَنْذَرْتَهُمْ وَبِهِ قَرَأَ الدَّانِيُّ عَلَى شَيْخِهِ أَبِي الْحَسَنِ، وَبِهِ قَرَأْنَا مِنْ طَرِيقِ " التَّذْكِرَةِ "، وَ " الْهَادِي "، وَ " الْهِدَايَةِ "، وَ " الْكَافِي "، وَ " التَّبْصِرَةِ "، وَ " التَّجْرِيدِ "، وَ " الرَّوْضَةِ "، وَ " الْمُسْتَنِيرِ " وَ " التَّذْكَارِ "، وَالْإِرْشَادَيْنِ، وَالْغَايَتَيْنِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جُلَّةِ الْمَغَارِبَةِ وَالْمَشَارِقَةِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي " التَّيْسِيرِ "، وَ " الشَّاطِبِيَّةِ "، وَ " الْإِعْلَانِ "، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ، وَقَالَ آخَرُونَ: تُسَهَّلُ بَيْنَ بَيْنَ؛ لِثُبُوتِهَا فِي حَالِ الْوَصْلِ وَتَعَذُّرِ حَذْفِهَا فِيهِ، فَهِيَ كَالْهَمْزَةِ اللَّازِمَةِ، وَلَيْسَ إِلَى تَخْفِيفِهَا سَبِيلٌ، فَوَجَبَ أَنْ تُسَهَّلَ بَيْنَ بَيْنَ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْهَمَزَاتِ الْمُتَحَرِّكَاتُ بِالْفَتْحِ إِذَا وَلِيَتْهُنَّ هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ. قَالَ الدَّانِيُّ فِي " الْجَامِعِ ": وَالْقَوْلَانِ جَيِّدَانِ. وَقَالَ فِي غَيْرِهِ: إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الْأَوْجَهُ فِي تَسْهِيلِ هَذِهِ الْهَمْزَةِ، قَالَ: لِقِيَامِهَا فِي الشِّعْرِ مَقَامَ الْمُتَحَرِّكَةِ، وَلَوْ كَانَتْ مُبْدَلَةً لَقَامَتْ فِيهِ مَقَامَ السَّاكِنِ الْمَحْضِ. قَالَ: وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَانْكَسَرَ هَذَا الْبَيْتُ:

أَأَلْحَقُّ أَنَّ دَارَ الرَّبَابِ تَبَاعَدَتْ ... أَوِ انْبَتَّ حَبْلٌ أَنَّ قَلْبَكَ طَائِرُ