للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي " التَّيْسِيرِ ": اعْلَمْ أَنَّ أَبَا عَمْرٍو كَانَ إِذَا قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ أَدْرَجَ الْقِرَاءَةَ، أَوْ قَرَأَ بِالْإِدْغَامِ لَمْ يَهْمِزْ كُلَّ هَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ. انْتَهَى. فَخَصَّ اسْتِعْمَالَ ذَلِكَ بِمَا إِذَا قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ أَدْرَجَ الْقِرَاءَةَ، أَوْ قَرَأَ بِالْإِدْغَامِ الْكَبِيرِ، وَقَيَّدَهُ مَكِّيٌّ وَابْنُ شُرَيْحٍ، وَالْمَهْدَوِيُّ، وَابْنُ سُفْيَانَ بِمَا إِذَا أَدْرَجَ الْقِرَاءَةَ، أَوْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ، وَقَالَ فِي " جَامِعِ الْبَيَانِ ": اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الْيَزِيدِيِّ عَنْهُ فِي الْحَالِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُ تَرْكَ الْهَمْزِ فِيهَا، فَحَكَى أَبُو عَمْرٍو، وَعَامِرٌ الْمَوْصِلِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْيَزِيدِيُّونَ عَنْهُ، أَنَّ أَبَا عَمْرٍو كَانَ إِذَا قَرَأَ فَأَدْرَجَ الْقِرَاءَةَ لَمْ يَهْمِزْ مَا كَانَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ مَجْزُومَةً، ثُمَّ قَالَ: فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُسْرِعْ فِي قِرَاءَتِهِ وَاسْتَعْمَلَ التَّحْقِيقَ هَمَزَ. قَالَ: وَحَكَى أَبُو شُعَيْبٍ عَنْهُ، أَنَّ أَبَا عَمْرٍو كَانَ إِذَا قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَهْمِزْ، ثُمَّ قَالَ: فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ - سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَ الْحَدْرَ أَوِ التَّحْقِيقَ - هَمَزَ.

قَالَ: وَحَكَى أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِبْرَاهِيمُ فِي رِوَايَةِ الْعَبَّاسِ وَأَبُو حَمْدُونٍ وَأَبُو خَلَّادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الدُّورِيِّ، أَنَّ أَبَا عَمْرٍو كَانَ إِذَا قَرَأَ لَمْ يَهْمِزْ، ثُمَّ قَالَ: فَدَلَّ قَوْلُهُمْ أَنَّهُ كَانَ لَا يَهْمِزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَفِي حَدْرٍ أَوْ تَحْقِيقٍ. انْتَهَى.

وَالْمَقْصُودُ بِالْإِدْرَاجِ هُوَ الْإِسْرَاعُ، وَهُوَ ضِدُّ التَّحْقِيقِ، لَا كَمَا فَهِمَهُ مَنْ لَا فَهْمَ لَهُ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ الْوَصْلُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْوَقْفِ، وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ أَنَّ أَبَا عَمْرٍو إِنَّمَا يُبْدِلُ الْهَمْزَ فِي الْوَصْلِ فَإِذَا وَقَفَ حَقَّقَ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ نَقْلٌ يُتَّبَعُ وَلَا قِيَاسٌ يُسْتَمَعُ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ: وَأَمَّا أَبُو عَمْرٍو فَلَهُ مَذْهَبَانِ: أَحَدُهُمَا التَّحْقِيقُ مَعَ الْإِظْهَارِ وَالتَّخْفِيفُ مَعَ الْإِدْغَامِ عَلَى التَّعَاقُبِ، وَالثَّانِي التَّخْفِيفُ مَعَ الْإِظْهَارِ وَجْهٌ وَاحِدٌ. انْتَهَى. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ التَّحْقِيقِ مَعَ الْإِدْغَامِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ لِأَبِي عَمْرٍو كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِدْغَامِ الْكَبِيرِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ أَجْمَعُوا عَمَّنْ رَوَى الْبَدَلَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو عَلَى اسْتِثْنَاءِ خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً فِي خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا تَنْحَصِرُ فِي خَمْسِ مَعَانٍ:

(الْأَوَّلُ) الْجَزْمُ وَيَأْتِي فِي سِتَّةِ أَلْفَاظٍ، وَهِيَ (يَشَاءُ) فِي عَشَرَةِ مَوَاضِعَ