مِنْ سَكْتِهِ إِظْهَارُ الْمُدْغَمِ مِنْهَا وَالْمَخْفِيِّ وَقَطْعِ هَمْزَةِ الْوَصْلِ بَعْدَهَا لِيُبَيَّنَ بِهَذَا السَّكْتِ أَنَّ الْحُرُوفَ كُلَّهَا لَيْسَتْ لِلْمَعَانِي كَالْأَدَوَاتِ لِلْأَسْمَاءِ وَالْأَفْعَالِ، بَلْ هِيَ مَفْصُولَةٌ، وَإِنِ اتَّصَلَ رَسْمًا وَلَيْسَتْ بِمُؤْتَلِفَةٍ، وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهِ، وَأُورِدَتْ مُفْرَدَةً مِنْ غَيْرِ عَامِلٍ وَلَا عَطْفٍ، فَسُكِّنَتْ كَأَسْمَاءِ الْأَعْدَادِ إِذَا وَرَدَتْ مِنْ غَيْرِ عَامِلٍ وَلَا عَطْفٍ، فَنَقُولُ: وَاحِدْ اثْنَيْنْ ثَلَاثَةْ أَرْبَعَةْ. . . هَكَذَا، وَانْفَرَدَ الْهُذَلِيُّ عَنِ ابْنِ جَمَّازٍ بِوَصْلِ هَمْزَةِ (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) فِي أَوَّلِ آلِ عِمْرَانَ تَتْمِيمٍ (الم) كَالْجَمَاعَةِ، وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ بِعَدَمِ ذِكْرِ السَّكْتِ لِأَبِي جَعْفَرٍ فِي الْحُرُوفِ كُلِّهَا، وَذَكَرَ أَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ عَدَمَ السَّكْتِ فِي السِّينِ مِنْ (طس تِلْكَ) وَالصَّحِيحُ السَّكْتُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَى الْحُرُوفِ كُلِّهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ لِشَيْءٍ مِنْهَا؛ وِفَاقًا لِإِجْمَاعِ الثِّقَاةِ النَّاقِلِينَ ذَلِكَ عَنْهُ نَصًّا وَأَدَاءً، وَبِهِ قَرَأْتُ وَبِهِ آخُذُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الْكَلِمَاتُ الْأَرْبَعُ فَهِيَ (عِوَجَا) أَوَّلَ الْكَهْفِ وَ (مَرْقَدِنَا) فِي يس، وَ (مَنْ رَاقٍ) فِي الْقِيَامَةِ، وَ (بَلْ رَانَ) فِي التَّطْفِيفِ، فَاخْتُلِفَ عَنْ حَفْصٍ فِي السَّكْتِ عَلَيْهَا وَالْإِدْرَاجِ، فَرَوَى جُمْهُورُ الْمَغَارِبَةِ وَبَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ عَنْهُ مِنْ طَرِيقَيْ عُبَيْدٍ وَعَمْرٍو السَّكْتَ عَلَى الْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ مِنَ التَّنْوِينِ فِي (عِوَجًا) ثُمَّ يَقُولُ (قَيِّمًا) وَكَذَلِكَ عَلَى الْأَلِفِ مِنْ (مَرْقَدِنَا) ثُمَّ يَقُولُ (هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ) وَكَذَلِكَ عَلَى النُّونِ مِنْ (مَنْ) ثُمَّ يَقُولُ (رَاقٍ) وَكَذَلِكَ عَلَى اللَّامِ مِنْ (بَلْ) ثُمَّ يَقُولُ (رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ) وَهَذَا الَّذِي فِي " الشَّاطِبِيَّةِ "، وَ " التَّيْسِيرِ "، وَ " الْهَادِي "، وَ " الْهِدَايَةِ "، وَ " الْكَافِي "، وَ " التَّبْصِرَةِ "، وَ " التَّلْخِيصِ " وَ " التَّذْكِرَةِ " وَغَيْرِهَا. وَرَوَى الْإِدْرَاجَ فِي الْأَرْبَعَةِ كَالْبَاقِينَ أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ، فَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي ذَلِكَ بَيْنَ حَفْصٍ وَغَيْرِهِ، وَرَوَى عَنْهُ كُلًّا مِنَ الْوَجْهَيْنِ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْفَحَّامِ فِي تَجْرِيدِهِ، فَرَوَى السَّكْتَ فِي (عِوَجَا وَمَرْقَدِنَا) عَنْ عَمْرِو بْنِ الصَّبَّاحِ، عَنْهُ. وَرَوَى الْإِدْرَاجَ كَالْجَمَاعَةِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الصَّبَاحِ عَنْهُ. وَرَوَى السَّكْتَ فِي (مَنْ رَاقٍ وَبَلْ رَانَ) مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى الْفَارِسِيِّ، عَنْ عَمْرٍو، وَمِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى عَبْدِ الْبَاقِي، عَنْ عُبَيْدٍ فَقَطْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute