قِرَاءَةِ نَافِعٍ، وَمَنْ مَعَهُ، فَإِنَّ الْأَلِفَ فِيهَا زَائِدَةٌ؛ لِوُقُوعِهَا بَعْدَ وَاوِ الْجَمْعِ كَمَا هِيَ فِي (قَالُوا) وَشِبْهِهِ وَحَذْفُ إِحْدَى الْوَاوَيْنِ تَخْفِيفًا لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ عَلَى الْقَاعِدَةِ وَ (هُزُوًا وَكُفُّوا) فَكُتِبَتَا عَلَى الْأَصْلِ بِضَمِّ الْعَيْنِ فَصَوِّرَتْ عَلَى الْقِيَاسِ، وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ سَكَّنَ تَخْفِيفًا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ السَّبْعَ لَمْ تُصَوَّرِ الْهَمْزَةُ فِيهَا صَرِيحًا إِلَّا فِي (مَوْئِلًا) قَطْعًا، وَفِي (أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي) فِي أَقْوَى الِاحْتِمَالَيْنِ، وَذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ (لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ) فِي الْقَصَصِ مِمَّا صُوِّرَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ أَلِفًا مَعَ وُقُوعِهَا مُتَطَرِّفَةً بَعْدَ سَاكِنٍ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّاطِبِيُّ، فَجَعَلَهَا أَيْضًا مِمَّا خَرَجَ عَنِ الْقِيَاسِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْهَمْزَةَ مِنْ (لَتَنُوءُ) مَضْمُومَةٌ، فَلَوْ صُوِّرَتْ لَكَانَتْ وَاوًا كَمَا صُوِّرَتِ الْمَكْسُورَةُ فِي (مَوْئِلًا) يَاءً كَالْمَفْتُوحَةِ، وَفِي (تَبُوءَ وَالنَّشْأَةَ وَالسُّوأَى،) وَالصَّوَابُ أَنَّ صُورَةَ الْهَمْزَةِ مِنْهَا مَحْذُوفٌ عَلَى الْقِيَاسِ، وَهَذِهِ الْأَلِفُ وَقَعَتْ زَائِدَةً كَمَا كُتِبَتْ فِي (يَعْبَؤُا) وَ (تَفَتَؤُا) وَ (لُؤْلُؤًا) وَ (إِنِ امْرُؤٌ) تَشْبِيهًا بِمَا زِيدَ بَعْدَ وَاوِ الْجَمْعِ، وَهَذَا مُحَتَّمًا أَيْضًا فِي (أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي) وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ (لَا تَايَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ) ، وَأَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْأَلِفَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْهَمْزِ، بَلْ تَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ رُسِمَتْ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ مِنْ رِوَايَتَيِ الْبَزِّيِّ وَابْنِ وَرْدَانَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْهَمْزِ الْمُفْرَدِ، وَالْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّهُ قُصِدَ بِزِيَادَتِهَا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَبَيْنَ يَئِسَ وَيَئِسُوا، فَإِنَّهَا لَوْ رُسِمَتْ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ لَاشْتَبَهَتْ بِذَلِكَ، فَفُرِّقَ بَيْنَ ذَلِكَ بِأَلِفٍ كَمَا فُرِّقَ بِزِيَادَةِ الْأَلِفِ فِي مِائَةٍ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِنْهُ، وَلِتَحْتَمِلَ الْقِرَاءَتَيْنِ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ زِيَادَةُ الْأَلِفِ فِي: (لِشَآيٍ) فِي الْكَهْفِ، أَوْ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا، وَفِي وَجِيءَ لَا مَدْخَلَ لَهَا هُنَا، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَأَمَّا (الْمَؤُدَةُ) فَرُسِمَتْ بِوَاوٍ وَاحِدَةٍ لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ وَحُذِفَتْ صُورَةُ الْهَمْزَةِ فِيهَا عَلَى الْقِيَاسِ، وَكَذَلِكَ فِي (مَسْؤُلًا) وَالْعَجَبُ مِنَ الشَّاطِبِيِّ كَيْفَ ذَكَرَ (مَسْؤُلًا) مِمَّا حُذِفَتْ مِنْهُ إِحْدَى الْوَاوَيْنِ، وَكَذَلِكَ حُذِفَ أَلِفُ قُرْآنًا فِي أَوَّلِ سُورَةِ يُوسُفَ وَالزُّخْرُفِ بَعْدَ الْهَمْزَةِ كَمَا كُتِبَتْ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ، فَمَا حُذِفَ اخْتِصَارًا لِلْعِلْمِ بِهِ فَلَيْسَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute