عِمَارَتَهُ الْمَلِكُ الْعَادِلُ نُورُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ زِنْكِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَنَّ السَّخَاوِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ سَبَبُ مَجِيئِهِ إِلَى هَذَا الْمَكَانِ مِنَ الْجَامِعِ، ثُمَّ إِنِّي أَنَا رَأَيْتُهَا كَذَلِكَ فِي الْمُصْحَفِ الْكَبِيرِ الشَّامِيِّ الْكَائِنِ بِمَقْصُورَةِ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ الْمَعْرُوفِ بِالْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ، ثُمَّ رَأَيْتُهَا كَذَلِكَ بِالْمُصْحَفِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الْإِمَامُ، بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَهُوَ الْمَوْضُوعُ بِالْمَدْرَسَةِ الْفَاضِلِيَّةِ دَاخِلَ الْقَاهِرَةِ الْمُعِزِّيَّةِ، وَكُتِبَتِ الْهَمْزَةُ مِنْ أُمٍّ فِي (ابْنَ أُمٍّ) فِي الْأَعْرَافِ أَلِفًا مَفْصُولَةً، وَأَمَّا (هَاؤُمُ اقْرَوُا) فِي الْحَاقَّةِ فَالْهَمْزَةُ فِيهِ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْبَابِ، فَلَمْ تَكُنْ كَالْهَمْزَةِ مِنْ (هَؤُلَاءِ وَهَانْتُمْ) ; لِأَنَّ هَمْزَةَ هَاؤُمُ حَقِيقِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا تَتِمَّةُ كَلِمَةِ " هَاءَ " بِمَعْنَى خُذْ، ثُمَّ اتَّصَلَ بِهَا ضَمِيرُ الْجَمَاعَةِ الْمُتَّصِلُ وَهَؤُلَاءِ (وَهَانْتُمْ) الْهَاءُ فِيهِ لِلتَّنْبِيهِ دَخَلَتْ عَلَى أُولَاءِ، وَعَلَى أَنْتُمْ فَتُسَهَّلُ هَمْزَةُ (هَاوُمُ) بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ بَيْنَ وَيُوقَفُ (هَاوُمُ) عَلَى الْمِيمِ بِلَا نَظَرٍ، وَقَدْ مَنَعَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ الْوَقْفَ عَلَيْهَا ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ الْأَصْلَ (هَاوُمُو) بِوَاوٍ، وَإِنَّمَا كُتِبَتْ عَلَى لَفْظِ الْوَصْلِ فَحُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ كَمَا حُذِفَتْ فِي سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ فَقَالَ: لَا يَحِينُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّكَ إِنْ وَقَفْتَ عَلَى الْأَصْلِ بِالْوَاوِ خَالَفْتَ الْخَطَّ، وَإِنْ وَقَفْتَ بِغَيْرِ وَاوٍ خَالَفْتَ الْأَصْلَ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ مَعْنَى ذَلِكَ، وَذَلِكَ سَهْوٌ بَيِّنٌ، فَإِنَّ الْمِيمَ فِي (هَاوُمُ) مِثْلُ الْمِيمِ فِي (أَنْتُمُ) الْأَصْلُ فِيهِمَا الصِّلَةُ بِالْوَاوِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَرَسْمُ الْمُصْحَفِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِحَذْفِ الْوَاوِ فِيمَا لَيْسَ بَعْدَهُ سَاكِنٌ، فَمَا بَعْدَهُ سَاكِنٌ أَوْلَى فَالْوَقْفُ عَلَى الْمِيمِ لِجَمِيعِ الْقُرَّاءِ، وَإِذَا كَانَ الَّذِي يَصِلُ مِيمَ الْجَمْعِ بِوَاوٍ فِي الْوَصْلِ لَا يَقِفُ بِالْوَاوِ عَلَى الْأَصْلِ فَمَا الظَّنُّ بِغَيْرِهِ. وَهَذَا مِمَّا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأُسْتَاذُ أَبُو شَامَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرُسِمَ (لَاصَلِّبَنَّكُمْ) فِي طه وَالشُّعَرَاءِ وَفِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ بِالْوَاوِ بَعْدَ الْأَلِفِ، وَكَذَلِكَ (سَاوُرِيكُمْ) فَقَطَعَ الدَّانِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِزِيَادَةِ الْوَاوِ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّ صُورَةَ الْهَمْزَةِ هُوَ الْأَلِفُ قَبْلَهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الزَّائِدَ فِي ذَلِكَ هُوَ الْأَلِفُ، وَأَنَّ صُورَةَ الْهَمْزَةِ هُوَ الْوَاوُ، كُتِبَتْ عَلَى مُرَادِ الْوَصْلِ تَنْبِيهًا عَلَى التَّخْفِيفِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ زِيَادَةُ الْأَلِفِ بَعْدَ اللَّامِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ وَهُوَ (لَا اذْبَحَنَّهُ) وَ (لَا اوْضَعُوا) ، وَكَذَلِكَ إِذَا خَفَّفْنَا الْهَمْزَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute