وَتُبْدَلُ يَاءً سَاكِنَةً فِي قَوْلِهِ: (مِنْ نَبَايِ الْمُرْسَلِينَ) وَنَحْوِهِ. قَالَ: وَهَذَا كَانَ مَذْهَبَ شَيْخِنَا أَبِي الْفَتْحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ اخْتِيَارِي أَنَا، وَإِنْ كَانَ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ هُوَ الْقِيَاسَ فَإِنَّ هَذَا أَوْلَى مِنْ جِهَتَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَا هِشَامٍ وَخَلَفًا رَوَيَا، عَنْ حَمْزَةَ نَصًّا أَنَّهُ كَانَ يَتَّبِعُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْهَمْزَةِ خَطَّ الْمُصْحَفِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ وَقْفَهُ عَلَى ذَلِكَ كَانَ بِالْوَاوِ وَبِالْيَاءِ عَلَى حَالِ رَسْمِهِ دُونَ الْأَلِفِ لِمُخَالَفَتِهِمَا إِيَّاهُ، وَالْجِهَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ خَلَفًا قَدْ حَكَى ذَلِكَ عَنْ حَمْزَةَ مَنْصُوصًا، ثُمَّ حَكَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ الْكَلِمُ فِي الْمَصَاحِفِ مَرْسُومَةٌ بِالْيَاءِ وَالْوَاوِ. وَمَعَ هَاتَيْنِ الْجِهَتَيْنِ فَإِنَّ إِبْدَالَ الْهَمْزَةِ بِالْحَرْفِ الَّذِي مِنْهُ حَرَكَتُهَا دُونَ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا فِي الْوَقْفِ خَاصَّةً فِي نَحْوِ ذَلِكَ لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ وَغَيْرِهِ مِنَ النَّحْوِيِّينَ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: يَقُولُونَ فِي الْوَقْفِ: هَذَا الْكَلَوُ، فَيُبْدِلُونَ مِنَ الْهَمْزَةِ وَاوًا، وَ: مَرَرْتُ بِالْكَلَيِ، فَيُبْدِلُونَ مِنْهَا يَاءً، وَ: رَأَيْتُ الْكَلَا، فَيُبْدِلُونَ مِنْهَا أَلِفًا حِرْصًا عَلَى الْبَيَانِ. قَالَ - يَعْنِي سِيبَوَيْهِ -: وَهُمُ الَّذِينَ يُحَقِّقُونَ فِي الْوَصْلِ. قَالَ الدَّانِيُّ: فَوَاجِبٌ اسْتِعْمَالُ هَذِهِ اللُّغَةِ فِي مَذْهَبِ هِشَامٍ وَحَمْزَةَ فِي الْكَلِمِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ التَّحْقِيقِ فِي الْوَصْلِ كَالْعَرَبِ الَّذِينَ جَاءَ عَنْهُمْ ذَلِكَ. انْتَهَى. وَقَالَ أَيْضًا: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْأَدَاءِ فِي إِدْغَامِ الْحَرْفِ الْمُبْدَلِ مِنَ الْهَمْزَةِ وَفِي إِظْهَارِهِ فِي قَوْلِهِ: (وَتُؤْوِي إِلَيْكَ) وَ (الَّتِي تُؤْوِيهِ) ، وَفِي قَوْلِهِ: (رُوحًا) فَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى إِدْغَامَهُ مُوَافَقَةً لِلْخَطِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى إِظْهَارَهُ لِكَوْنِ الْبَدَلِ عَارِضًا، فَالْهَمْزَةُ فِي التَّقْدِيرِ وَالنِّيَّةِ، وَإِدْغَامُهَا مُمْتَنِعٌ، قَالَ: وَالْمَذْهَبَانِ فِي ذَلِكَ صَحِيحَانِ، وَالْإِدْغَامُ أَوْلَى ; لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ مَنْصُوصًا عَنْ حَمْزَةَ فِي قَوْلِهِ: (رُوحًا) لِمُوَافَقَةِ رَسْمِ الْمُصْحَفِ الَّذِي جَاءَ عَنْهُ اتِّبَاعُهُ عِنْدَ الْوَقْفِ عَلَى الْهَمْزِ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَمَّمَ فِي التَّخْفِيفِ الرَّسْمِيِّ فَأَبْدَلَ الْهَمْزَةَ بِمَا صُوِّرَتْ بِهِ وَحَذَفَهَا فِيمَا حُذِفَتْ فِيهِ، فَيُبْدِلُهَا وَاوًا خَالِصَةً فِي نَحْوِ (رَوُفٌ) (أَبْنَاوُكُمْ) وَ (تَوُزُّهُمْ) ، وَ (شُرَكَاوُكُمْ) ، وَ (يُذْرَوُكُمْ) ، وَ (نِسَاوُكُمْ) ، وَ (أَحِبَّاوُهُ) ، وَ (هَوُلَاءِ) وَيُبْدِلُهَا يَاءً خَالِصَةً فِي نَحْوِ (تَايِبَاتٍ) (سَايِحَاتٍ) وَ (نِسَايِكُمْ) وَ (أَبْنَايِكُمْ) وَ (خَايِفِينَ) وَ (أُولَيِكَ) وَ (جَايِرٌ) وَ (مَوْيِلًا) وَ (لَيِنْ) وَيُبْدِلُهَا أَلِفًا خَالِصَةً فِي نَحْوِ (سَالَ) وَ (امْرَاتُهُ) وَ (سَالَهُمْ) وَ (بَدَاكُمْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute