الرَّوْمِ كَذَلِكَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو، عَنْ خَلَفٍ، عَنْ سُلَيْمٍ، عَنْ حَمْزَةَ. وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي وَقْفِهِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ، عَنْ خَلَفٍ قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ يُشِمُّ الْيَاءَ فِي الْوَقْفِ مِثْلُ (مِنْ نَبَايِ الْمُرْسَلِينَ، وَتِلْقَايِ نَفْسِي) يَعْنِي فِيمَا رُسِمَ بِالْيَاءِ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَسْكُتُ عَلَى قَوْلِهِ: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ) يَمُدُّ وَيُشِمُّ الرَّفْعَ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، وَقَالَ ابْنُ وَاصِلٍ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ: كَانَ حَمْزَةُ يَقِفُ عَلَى هَؤُلَاءِ بِالْمَدِّ وَالْإِشَارَةِ إِلَى الْكَسْرِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، وَيَقِفُ عَلَى (لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَا) بِالْمَدِّ وَلَا يُشِيرُ إِلَى الْهَمْزَةِ. قَالَ: وَيَقِفُ عَلَى (الْبَلَاءُ وَالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءُ) بِالْمَدِّ وَالْإِشَارَةِ. قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ لَمْ تُشِرْ، وَقَالَ: فِي قَوْلِهِ: (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ) قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ وَقَفْتَ عَلَى الْأَلِفِ سَاكِنَةً، وَإِنْ شِئْتَ وَقَفْتَ وَأَنْتَ تَرُومُ الضَّمَّ. وَابْنُ وَاصِلٍ هَذَا هُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ وَاصِلٍ الْبَغْدَادِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ الضَّابِطِينَ، رَوَى عَنْ خَلَفٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ سُلَيْمٍ، وَرَوَى عَنْهُ مِثْلُ ابْنِ مُجَاهِدٍ وَابْنِ شَنَبُوذَ وَأَبِي مُزَاحِمٍ الْخَاقَانِيِّ، وَأَضْرَابِهِمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ، فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، مَعَ أَنَّ الْإِبْدَالَ هُوَ الْقِيَاسُ، وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي صِحَّتِهِ، وَإِنَّمَا اخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ الرَّوْمِ مَعَ التَّسْهِيلِ بَيْنَ بَيْنَ، فَلَمْ يَذْكُرْهُ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرَّاءِ، وَمَنَعَهُ أَكْثَرُ النُّحَاةِ لِمَا قَدَّمْنَا، وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِ سِيبَوَيْهِ تَعَرُّضًا إِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَا نَصَّ فِيهَا فِي الْوَقْفِ بِشَيْءٍ، بَلْ رَأَيْتُهُ أَطْلَقَ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْهَمْزَةَ تُجْعَلُ بَعْدَ الْأَلِفِ بَيْنَ بَيْنَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ وَالْوَصْلِ، أَوْ مَخْصُوصٌ بِالْوَصْلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى التَّفْصِيلِ فِي ذَلِكَ، فَمَا صُوِّرَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ رَسْمًا وَاوًا أَوْ يَاءً وُقِفَ عَلَيْهِ بِالرَّوْمِ بَيْنَ بَيْنَ، وَمَا صُوِّرَتْ فِيهِ أَلِفًا وُقِفَ عَلَيْهِ بِالْبَدَلِ اتِّبَاعًا لِلرَّسْمِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي مُحَمَّدٍ مَكِّيٍّ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُرَيْحٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ نَصًّا، عَنْ خَلَفٍ، عَنْ حَمْزَةَ (مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ) ، وَانْفَرَدَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ بَلِّيمَةَ بِالرَّوْمِ كَذَلِكَ فِيمَا وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ بَعْدَ الْأَلِفِ دُونَ مَا وَقَعَ فِيهِ بَعْدَ مُتَحَرِّكٍ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْفَحَّامِ، إِلَّا أَنَّهُ أَطْلَقَهُ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute