وَرَجَّحَ الْمَدَّ. وَنَصَّ الْمَهْدَوِيُّ فِي " الْهِدَايَةِ " عَلَى أَنَّ الْمَحْذُوفَ الْهَمْزَةُ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِهِ جَوَازَ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى، وَاخْتَارَ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةَ، وَزَادَ فَقَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ لَا يُحْذَفَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَقْفِ فَيُمَدُّ قَدْرُ أَلِفَيْنِ، إِذِ الْجَمْعُ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ فِي الْوَقْفِ جَائِزٌ، وَقَطَعَ فِي " الْكَافِي " بِالْحَذْفِ، وَمُرَادُهُ حَذْفُ الْهَمْزَةِ ; لِأَنَّهُ قَطَعَ بِالْمَدِّ وَقَالَ: لِأَنَّ الْحَذْفَ عَارِضٌ. ثُمَّ قَالَ: وَمِنَ الْقُرَّاءِ مَنْ لَا يَمُدُّ، وَقَطَعَ فِي " التَّلْخِيصِ " بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ: تُبْدَلُ مِنَ الْهَمْزَةِ أَلِفًا فِي حَالِ الْوَقْفِ بِأَيِّ حَرَكَةٍ تَحَرَّكَتْ فِي الْوَصْلِ لِسُكُونِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَ الْأَلِفِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَتُمَدُّ مِنْ أَجْلِ الْأَلِفَيْنِ الْمُجْتَمِعَتَيْنِ، وَبِهَذَا قَطَعَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ غَلْبُونَ، وَقَالَ فِي " التَّيْسِيرِ ": وَإِنْ كَانَ السَّاكِنُ أَلِفًا، سَوَاءٌ كَانَتْ مُبْدَلَةً، أَوْ زَائِدَةً أَبْدَلْتَ الْهَمْزَةَ بَعْدَهَا أَلِفًا بِأَيِّ حَرَكَةٍ تَحَرَّكَتْ، ثُمَّ حَذَفْتَ إِحْدَى الْأَلِفَيْنِ لِلسَّاكِنَيْنِ، وَإِنْ شِئْتَ زِدْتَ فِي الْمَدِّ وَالتَّمْكِينِ لِيَفْصِلَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ تَحْذِفْ، قَالَ: وَذَلِكَ الْوَجْهُ وَبِهِ وَرَدَ النَّصُّ عَنْ حَمْزَةَ مِنْ طَرِيقِ خَلَفٍ وَغَيْرِهِ، فَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ فِي ذَلِكَ، وَعَلَى أَنَّ الْمَدَّ أَرْجَحُ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْلِيلِهِ، فَذَهَبَ الدَّانِيُّ،، وَأَبُو الْحَسَنِ طَاهِرُ بْنُ غَلْبُونَ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ بَلِّيمَةَ، وَالْمَهْدَوِيُّ إِلَى عَدَمِ الْحَذْفِ، وَنَصَّ عَلَى التَّوَسُّطِ أَبُو شَامَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَجْلِ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَقَاسَهُ عَلَى سُكُونِ الْوَقْفِ. وَقَدْ وَرَدَ الْقَوْلُ بِالْمَدِّ.
(قُلْتُ) : وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، هُوَ صَحِيحٌ نَصًّا وَقِيَاسًا وَإِجْمَاعًا. أَمَّا النَّصُّ فَمَا رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرِّفَاعِيُّ نَصًّا، عَنْ سُلَيْمٍ، عَنْ حَمْزَةَ قَالَ: إِذَا مَدَدْتَ الْحَرْفَ الْمَهْمُوزَ، ثُمَّ وَقَفْتَ فَأَخْلِفْ مَكَانَ الْهَمْزَةِ مَدَّةً، أَيْ: أَبْدِلْ مِنْهُ أَلِفًا، وَرَوَى أَيْضًا خَلَفٌ، عَنْ سُلَيْمٍ، عَنْهُ قَالَ: تَقِفُ بِالْمَدِّ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، وَجَائِزٌ أَنْ تَحْذِفَ الْمُبْدَلَةَ مِنَ الْهَمْزَةِ وَتَبْقَى هِيَ، فَعَلَى هَذَا يُزَادُ فِي تَمْكِينِهَا أَيْضًا لِيَدُلَّ بِذَلِكَ عَلَى الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَلِفَيْنِ، وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَهُوَ مَا أَجَازَهُ يُونُسُ فِي: اضْرِبَا زَيْدًا، عَلَى لُغَةِ تَخْفِيفِ النُّونِ، قَالَ: إِذَا وَقَفْتَ قُلْتَ: اضْرِبَا، إِلَّا أَنَّهَا تُبْدَلُ فِي الْوَقْفِ أَلِفًا فَيَجْتَمِعُ أَلِفَانِ فَيَزْدَادُ فِي الْمَدِّ كَذَلِكَ، وَرَوَى عَنْهُ كَذَلِكَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ النَّحَّاسِ وَحَكَاهُ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute