الْحَاقَّةِ، فَقَدْ حُكِيَ فِيهِ الْإِظْهَارُ مِنْ أَجْلِ كَوْنِهِ هَاءَ سَكْتٍ، كَمَا حُكِيَ عَدَمُ النَّقْلِ فِي كِتَابِيَهْ إِنِّي، وَقَالَ مَكِّيٌّ فِي تَبْصِرَتِهِ: يَلْزَمُ مَنْ أَلْقَى الْحَرَكَةَ فِي كِتَابِيَهْ إِنِّي أَنْ يُدْغِمَ مَالِيَهْ هَلَكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَجْرَاهَا مُجْرَى الْأَصْلِ حِينَ أَلْقَى الْحَرَكَةَ، وَقَدَّرَ ثُبُوتَهَا فِي الْوَصْلِ. قَالَ: وَبِالْإِظْهَارِ قَرَأْتُ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَهُوَ الصَّوَابُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ -.
قَالَ أَبُو شَامَةَ يَعْنِي بِالْإِظْهَارِ أَنْ يَقِفَ عَلَى مَالِيَهْ هَلَكَ وَقْفَةً لَطِيفَةً. وَأَمَّا إِنْ وَصَلَ فَلَا يُمْكِنُ غَيْرُ الْإِدْغَامِ أَوِ التَّحْرِيكِ قَالَ وَإِنْ خَلَا اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِهِمَا كَانَ الْقَارِئُ وَاقِفًا وَهُوَ لَا يَدْرِي لِسُرْعَةِ الْوَصْلِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ وَفِي قَوْلِهِ مَالِيَهْ هَلَكَ خُلْفٌ. وَالْمُخْتَارُ فِيهِ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْهَاءَ إِنَّمَا اجْتُلِبَتْ لِلْوَقْفِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُوصَلَ، فَإِنْ وُصِلَتْ فَالِاخْتِيَارُ الْإِظْهَارُ لِأَنَّ الْهَاءَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهَا فِي النِّيَّةِ لِأَنَّهَا سِيقَتْ لِلْوَقْفِ. وَالثَّانِيَةُ مُنْفَصِلَةٌ مِنْهَا فَلَا إِدْغَامَ (قُلْتُ) : وَمَا قَالَهُ أَبُو شَامَةَ أَقْرَبُ إِلَى التَّحْقِيقِ، وَأَحْرَى بِالدِّرَايَةِ وَالتَّدْقِيقِ ; وَقَدْ سَبَقَ إِلَى النَّصِّ عَلَيْهِ أُسْتَاذُ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ فِي جَامِعِهِ: فَمَنْ رَوَى التَّحْقِيقَ، يَعْنِي التَّحْقِيقَ فِي كِتَابِيَهْ إِنِّي لَزِمَهُ أَنْ يَقِفَ عَلَى الْهَاءِ فِي قَوْلِهِ مَالِيَهْ هَلَكَ ` وَقْفَةً لَطِيفَةً فِي حَالِ الْوَصْلِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ؛ لِأَنَّهُ وَاصِلٌ بِنِيَّةِ الْوَاقِفِ فَيَمْتَنِعُ بِذَلِكَ مِنْ أَنْ يُدْغِمَ فِي الْهَاءِ الَّتِي بَعْدَهَا. قَالَ وَمَنْ رَوَى الْإِلْقَاءَ لَزِمَهُ أَنْ يَصِلَهَا وَيُدْغِمَهَا فِي الْهَاءِ الَّتِي بَعْدَهَا لِأَنَّهَا عِنْدَهُ كَالْحَرْفِ اللَّازِمِ الْأَصْلِيِّ انْتَهَى وَهُوَ الصَّوَابُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَشَذَّ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ فَحَكَى عَنْ قَالُونَ مِنْ طَرِيقِ الْحُلْوَانِيِّ وَابْنِ بُويَانَ عَنْ أَبِي نَشِيطٍ إِظْهَارَ تَاءِ التَّأْنِيثِ عِنْدَ الدَّالِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إِظْهَارُهَا عِنْدَ الطَّاءِ ضَعِيفٌ جِدًّا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute