بِشَرْطِ الِاخْتِيَارِ، لَمَا كَانَ بِذَلِكَ خَارِجًا عَنِ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ الْمُنَزَّلَةِ، بَلْ فِيهَا مُتَّسَعٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْوَلِيُّ مُوَفَّقُ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الْكَوَاشِيُّ الْمَوْصِلِيُّ فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِهِ التَّبْصِرَةِ: وَكُلُّ مَا صَحَّ سَنَدُهُ وَاسْتَقَامَ وَجْهُهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَوَافَقَ لَفْظُهُ خَطَّ الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ فَهُوَ مِنَ السَّبْعَةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا وَلَوْ رَوَاهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مُجْتَمِعِينَ، أَوْ مُتَفَرِّقِينَ فَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ بُنِيَ قَبُولُ الْقِرَاءَاتِ عَنْ سَبْعَةٍ كَانُوا أَوْ سَبْعَةِ آلَافٍ، وَمَتَى فُقِدَ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقِرَاءَةِ فَاحْكُمْ بِأَنَّهَا شَاذَّةٌ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمُحَقِّقُ لِلْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَافِي السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ: (فَرْعٌ) قَالُوا - يَعْنِي أَصْحَابَنَا الْفُقَهَاءَ -: تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا بِالْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ وَلَا تَجُوزُ بِالشَّاذَّةِ. وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ يُوهِمُ أَنَّ غَيْرَ السَّبْعِ الْمَشْهُورَةِ مِنَ الشَّوَاذِّ، وَقَدْ نَقَلَ الْبَغَوِيُّ فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِهِ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِقِرَاءَةِ يَعْقُوبَ وَأَبِي جَعْفَرٍ مَعَ السَّبْعِ الْمَشْهُورَةِ، قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَارِجَ عَنِ السَّبْعَةِ الْمَشْهُورَةِ عَلَى قِسْمَيْنِ: مِنْهُ مَا يُخَالِفُ رَسْمَ الْمُصْحَفِ، فَهَذَا لَا شَكَّ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا، وَمِنْهُ مَا لَا يُخَالِفُ رَسْمَ الْمُصْحَفِ وَلَمْ تَشْتَهِرِ الْقِرَاءَةُ بِهِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ مِنْ طَرِيقٍ غَرِيبَةٍ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا، وَهَذَا يُظْهِرُ الْمَنْعَ مِنَ الْقِرَاءَةِ بِهِ أَيْضًا، وَمِنْهُ مَا اشْتَهَرَ عِنْدَ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ الْقِرَاءَةُ بِهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، فَهَذَا لَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ مِنْهُ وَمِنْ ذَلِكَ قِرَاءَةُ يَعْقُوبَ وَغَيْرِهِ، قَالَ: وَالْبَغَوِيُّ أَوْلَى مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ; فَإِنَّهُ مُقْرِئٌ فَقِيهٌ جَامِعٌ لِلْعُلُومِ، قَالَ: وَهَكَذَا التَّفْصِيلُ فِي شَوَاذَّ السَّبْعَةِ، فَإِنَّ عَنْهُمْ شَيْئًا كَثِيرًا شَاذًّا. انْتَهَى.
وَسُئِلَ وَلَدُهُ الْعَلَّامَةُ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ قَوْلِهِ فِي كِتَابِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِي الْأُصُولِ: وَالسَّبْعُ مُتَوَاتِرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَا وَرَاءَ الْعَشَرَةِ فَهُوَ شَاذٌّ: إِذَا كَانَتِ الْعَشْرُ مُتَوَاتِرَةً فَلِمَ لَا قُلْتُمْ وَالْعَشَرُ مُتَوَاتِرَةٌ بَدَلَ قَوْلِكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute