الْحَمْدُ لِلَّهِ؛ الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الشَّاطِبِيُّ وَالثَّلَاثُ الَّتِي هِيَ قِرَاءَةُ أَبِي جَعْفَرٍ وَقِرَاءَةُ يَعْقُوبَ وَقِرَاءَةُ خَلَفٍ مُتَوَاتِرَةٌ مَعْلُومَةٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَكُلُّ حَرْفٍ انْفَرَدَ بِهِ وَاحِدٌ مِنَ الْعَشَرَةِ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُكَابِرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا جَاهِلٌ، وَلَيْسَ تَوَاتُرُ شَيْءٍ مِنْهَا مَقْصُورًا عَلَى مَنْ قَرَأَ بِالرِّوَايَاتِ، بَلْ هِيَ مُتَوَاتِرَةٌ عِنْدَ كُلِّ مُسْلِمٍ يَقُولُ أَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَلَوْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ عَامِّيًّا جِلْفًا لَا يَحْفَظُ مِنَ الْقُرْآنِ حَرْفًا، وَلِهَذَا تَقْرِيرٌ طَوِيلٌ وَبُرْهَانٌ عَرِيضٌ لَا يَسَعُ هَذِهِ الْوَرَقَةَ شَرْحُهُ وَحَظُّ كُلِّ مُسْلِمٍ وَحَقُّهُ أَنْ يَدِينَ لِلَّهِ تَعَالَى وَيَجْزِمَ نَفْسَهُ بِأَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مُتَوَاتِرٌ مَعْلُومٌ بِالْيَقِينِ لَا يَتَطَرَّقُ الظُّنُونُ وَلَا الِارْتِيَابُ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. كَتَبَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ السُّبْكِيِّ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَرَّابُ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ الشَّافِي: ثُمَّ التَّمَسُّكُ بِقِرَاءَةِ سَبْعَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ دُونَ غَيْرِهِمْ لَيْسَ فِيهِ أَثَرٌ وَلَا سُنَّةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جَمْعِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَمْ يَكُنْ قَرَأَ بِأَكْثَرَ مِنَ السَّبْعِ فَصَنَّفَ كِتَابًا وَسَمَّاهُ السَّبْعَ فَانْتَشَرَ ذَلِكَ فِي الْعَامَّةِ وَتَوَهَّمُوا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ لِاشْتِهَارِ ذِكْرِ مُصَنِّفِهِ، وَقَدْ صَنَّفَ غَيْرُهُ كُتُبًا فِي الْقِرَاءَاتِ وَبَعْدَهُ وَذَكَرَ لِكُلِّ إِمَامٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ رِوَايَاتٍ كَثِيرَةً وَأَنْوَاعًا مِنَ الِاخْتِلَافِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِتِلْكَ الرِّوَايَاتِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا غَيْرُ مَذْكُورَةٍ فِي كِتَابِ ذَلِكَ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ مَحْصُورَةً بِسَبْعِ رِوَايَاتٍ لِسَبْعَةٍ مِنَ الْقُرَّاءِ لَوَجَبَ أَنْ لَا يُؤْخَذَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَّا رِوَايَةٌ، وَهَذَا لَا قَائِلَ بِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، أَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إِلَى قِرَاءَةِ سَبْعَةٍ مِنَ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ وُلِدُوا بَعْدَ التَّابِعِينَ ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ مُتَعَرِّيًا عَنِ الْفَائِدَةِ إِلَى أَنْ يُولَدَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ السَّبْعَةُ فَيُؤْخَذُ عَنْهُمُ الْقِرَاءَةُ وَيُؤَدِّي أَيْضًا إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنْ يَقْرَأَ إِلَّا بِمَا يَعْلَمُ أَنَّ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةَ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute