للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَيْرُ ذَلِكَ كَالضُّحَى وَالْقُوَى مِنْ أَجْلِ كَوْنِهِ رَأْسَ آيَةٍ فَأُمِيلَ لِلْمُنَاسِبَةِ وَالْمُجَاوِرَةِ، وَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْأَدَاءِ قَاطِبَةً، وَلَا يُوجَدُ نَصُّ أَحَدٍ مِنْهُمْ بِخِلَافِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَكَذَلِكَ أَجْمَعَ مَنْ رَوَى الْفَتْحَ فِي الْيَائِيِّ عَنِ الْأَزْرَقِ عَلَى إِمَالَةِ رَأَى وَبَابُهُ مِمَّا لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ سَاكِنٌ بَيْنَ بَيْنَ وَجْهًا وَاحِدًا إِلْحَاقًا لَهُ بِذَوَاتِ الرَّاءِ مِنْ أَجْلِ إِمَالَةِ الرَّاءِ قَبْلَهُ كَذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

(فَالْحَاصِلُ) أَنَّ غَيْرَ ذَوَاتِ الرَّاءِ لِلْأَزْرَقِ عَنْ وَرْشٍ عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ:

(الْأَوَّلُ) : إِمَالَةُ بَيْنَ بَيْنَ مُطْلَقًا رُءُوسِ الْآيِ، وَغَيْرِهَا. كَانَ فِيهَا ضَمِيرُ تَأْنِيثٍ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي طَاهِرٍ صَاحِبِ الْعُنْوَانِ، وَشَيْخِهِ، وَأَبِي الْفَتْحِ، وَابْنِ خَاقَانَ.

(الثَّانِي) : الْفَتْحُ مُطْلَقًا رُءُوسَ الْآيِ، وَغَيْرَهَا. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْفَحَّامِ صَاحِبِ التَّجْرِيدِ.

(الثَّالِثُ) : إِمَالَةٌ بَيْنَ بَيْنَ فِي رُءُوسِ الْآيِ فَقَطْ سِوَى مَا فِيهِ ضَمِيرُ تَأْنِيثٍ فَالْفَتْحُ، وَكَذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ رَأْسَ آيَةٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ وَمَكِّيٍّ، وَجُمْهُورِ الْمَغَارِبَةِ.

(الرَّابِعُ) : الْإِمَالَةُ بَيْنَ بَيْنَ مُطْلَقًا أَيِّرُءُوسِ الْآيِ، وَغَيْرِهَا. إِلَّا أَنَّ يَكُونَ رَأْسَ آيَةٍ فِيهَا ضَمِيرُ تَأْنِيثٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ الدَّانِيِّ فِي التَّيْسِيرِ وَالْمُفْرَدَاتِ، وَهُوَ مَذْهَبٌ مُرَكَّبٌ مِنْ مَذْهَبَيْ شُيُوخِهِ وَبَقِيَ مَذْهَبٌ خَامِسٌ، وَهُوَ إِجْرَاءُ الْخِلَافِ فِي الْكُلِّ رُءُوسِ الْآيِ مُطْلَقًا وَذَوَاتِ الْيَاءِ غَيْرَ (هَا) إِلَّا أَنَّ الْفَتْحَ فِي رُءُوسِ الْآيِ غَيْرَ مَا فِيهِ (هَا) قَلِيلٌ، وَهُوَ فِيمَا فِيهِ (هَا) كَثِيرٌ، وَهُوَ مَذْهَبٌ يَجْمَعُ الْمَذَاهِبَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ، وَهَذَا الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّاطِبِيِّ، وَهُوَ الْأُولَى عِنْدِي بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَيْهِ لِمَا بَيَّنْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَأَمَّا ذَوَاتُ الرَّاءِ فَكُلُّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى إِمَالَتِهَا بَيْنَ بَيْنَ وَجْهًا وَاحِدًا إِلَّا أَرَاكَهُمْ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ أَمَالَ عَنْهُ رُءُوسَ الْآيِ فَإِنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ كَوْنِهِ وَاوِيًّا، أَوْ يَائِيًّا، وَقَدْ وَقَعَ فِي كَلَامِ مَكِّيٍّ مَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ إِمَالَةِ رُءُوسِ الْآيِ بِذَوَاتِ الْيَاءِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مَا كُتِبَ بِالْيَاءِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَصْلٌ