(الثَّانِي) : أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ بَعْدَ الْأَلِفِ الْمُمَالِ سَاكِنٌ فَإِنَّ تِلْكَ الْأَلِفَ تَسْقُطُ لِسُكُونِهَا وَلُقِيِّ ذَلِكَ السَّاكِنِ فَحِينَئِذٍ تَذْهَبُ الْإِمَالَةُ عَلَى نَوْعَيْهَا لِأَنَّهَا إِنَّمَا كَانَتْ مِنْ أَجْلِ وُجُودِ الْأَلِفِ لَفْظًا فَلَمَّا عُدِمَتْ فِيهِ امْتَنَعَتِ الْإِمَالَةُ بِعَدَمِهَا فَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهَا انْفَصَلَتْ مِنَ السَّاكِنِ تَنْوِينًا كَانَ، أَوْ غَيْرَ تَنْوِينٍ، وَعَادَتِ الْإِمَالَةُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ بِعَوْدِهَا عَلَى حَسَبِ مَا تَأَصَّلَ وَتَقَرَّرَ (فَالتَّنْوِينُ) يَلْحَقُ الِاسْمَ مَرْفُوعًا، وَمَجْرُورًا، وَمَنْصُوبًا وَيَكُونُ مُتَّصِلًا بِهِ فَالْمَرْفُوعُ نَحْوَ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ; وَأَجَلٍ مُسَمًّى، لَا يُغْنِي مَوْلًى، هُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى وَالْمَجْرُورُ نَحْوَ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ، إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، عَنْ مَوْلًى، مِنْ رِبًا، مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَالْمَنْصُوبُ نَحْوَ قُرًى ظَاهِرَةً، أَوْ كَانُوا غُزًّا، أَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى، مَكَانًا سُوًى، أَنْ يُتْرَكَ سُدًى.
(وَغَيْرُ التَّنْوِينِ) لَا يَكُونُ إِلَّا مُنْفَصِلًا فِي كَلِمَةٍ أُخْرَى وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي اسْمٍ، وَفِعْلٍ. فَالِاسْمُ نَحْوَ مُوسَى الْكِتَابَ، عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، الْقَتْلَى الْحُرُّ، جَنَى الْجَنَّتَيْنِ، الرُّؤْيَا الَّتِي، ذِكْرَى الدَّارِ، الْقُرَى الَّتِي وَالْفِعْلُ نَحْوَ طَغَى الْمَاءُ، أَحْيَا النَّاسَ.
وَالْوَقْفُ بِالْإِمَالَةِ، أَوْ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ لِمَنْ مَذْهَبُهُ ذَلِكَ فِي النَّوْعَيْنِ هُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الثَّابِتُ نَصًّا وَأَدَاءً، وَهُوَ الَّذِي لَا يُؤْخَذُ نَصًّا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ بِخِلَافِهِ، بَلْ هُوَ الْمَنْصُوصُ بِهِ عَنْهُمْ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ فَأَمَّا النَّصُّ، فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ: سَمِعْتُ الْكِسَائِيَّ يَقِفُ عَلَى: هُدًى لِلْمُتَّقِينَ بِالْيَاءِ، وَكَذَلِكَ: مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، أَوْ كَانُوا غُزًّا، مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى، أَجَلٍ مُسَمًّى، وَقَالَ: يَسْكُتُ أَيْضًا عَلَى سَمِعْنَا فَتًى، فِي قُرًى، أَنْ يُتْرَكَ سُدًى بِالْيَاءِ وَمِثْلُهُ حَمْزَةُ. قَالَ: خَلَفٌ وَسَمِعْتُ الْكِسَائِيَّ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ أَحْيَا النَّاسَ الْوَقْفُ عَلَيْهِ أَحْيَا بِالْيَاءِ لِمَنْ كَسَرَ الْحُرُوفَ إِلَّا مَنْ يَفْتَحُ فَيَفْتَحُ مِثْلَ هَذَا.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِالْيَاءِ. وَكَذَا مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ، وَكَذَا وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ، وَكَذَا طَغَى الْمَاءُ قَالَ: وَالْوَقْفُ عَلَى وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا بِالْيَاءِ.
وَرَوَى حَبِيبُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي طَيِّبَةَ عَنْ وَرْشٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute