فِي إِمَالَتِهَا مِنْ نَحْوِ يَرَى الَّذِينَ دُونَ قُرًى وَمُفْتَرًى كَوْنُ السَّاكِنِ فِي الْأَوَّلِ مُنْفَصِلًا، وَالْوَصْلِ عَارِضًا فَكَانَتِ الْإِمَالَةُ مَوْجُودَةً قَبْلَ مَجِيءِ السَّاكِنِ الْمُوجِبِ لِلْحَذْفِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ مُتَّصِلٌ، وَإِثْبَاتُهُ عَارِضٌ فَعُومِلَ كُلٌّ بِأَصْلِهِ وَقِيلَ مِنْ أَجْلِ تَقْدِيرِ كَوْنِ الْأَلِفِ بَدَلًا مِنَ التَّنْوِينِ فَامْتَنَعَ لِذَلِكَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
(الْخَامِسُ) إِذَا وَقَفَ عَلَى كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ، فِي الْكَهْفِ الْهُدَى ائْتِنَا فِي الْأَنْعَامِ تَتْرَى فِي الْمُؤْمِنُونَ أَمَّا كِلْتَا فَالْوَقْفُ عَلَيْهَا لِأَصْحَابِ الْإِمَالَةِ يُبْنَى عَلَى مَعْرِفَةِ أَلِفِهَا.
وَقَدِ اخْتَلَفَ النُّحَاةُ فِيهَا فَذَكَرَ الدَّانِيُّ فِي الْمُوَضَّحِ، وَجَامِعِ الْبَيَانِ أَنَّ الْكُوفِيِّينَ قَالُوا: هِيَ أَلِفُ تَثْنِيَةٍ. وَوَاحِدُ كِلْتَا، كِلْتَ، وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ هِيَ أَلِفُ تَأْنِيثٍ وَوَزْنُ كِلْتَا فِعْلَى - كَإِحْدَى. وَسِيمَا - وَالتَّاءُ مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ وَالْأَصْلُ كَلِوَى قَالَ: فِعْلَى الْأَوَّلُ لَا يُوقَفُ عَلَيْهَا بِالْإِمَالَةِ لِأَصْحَابِ الْإِمَالَةِ، وَلَا بِبَيْنَ بَيْنَ لِمَنْ مَذْهَبُهُ ذَلِكَ، وَعَلَى الثَّانِي يُوقَفُ بِذَلِكَ فِي مَذْهَبِ مَنْ لَهُ ذَلِكَ قَالَ: وَالْقُرَّاءُ وَأَهْلُ الْأَدَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ.
(قُلْتُ) : نَصَّ عَلَى إِمَالَتِهَا لِأَصْحَابِ الْإِمَالَةِ الْعِرَاقِيُّونَ قَاطِبَةً كَأَبِي الْعِزِّ وَابْنِ سَوَّارٍ وَابْنِ فَارِسٍ وَسِبْطِ الْخَيَّاطِ، وَغَيْرِهِمْ، وَنَصَّ عَلَى الْفَتْحِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَحَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ مَكِّيٌّ: يُوقَفُ لِحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ بِالْفَتْحِ لِأَنَّهَا أَلِفُ تَثْنِيَةٍ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ، وَلِأَبِي عَمْرٍو بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ لِأَنَّهَا أَلِفُ تَأْنِيثٍ انْتَهَى. وَالْوَجْهَانِ جَيِّدَانِ وَلَكِنِّي إِلَى الْفَتْحِ أَجْنَحُ، فَقَدْ جَاءَ بِهِ مَنْصُوصًا عَنِ الْكِسَائِيِّ سَوْرَةُ بْنُ الْمُبَارَكِ فَقَالَ: كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ بِالْأَلِفِ يَعْنِي بِالْفَتْحِ فِي الْوَقْفِ.
وَأَمَّا إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا عَلَى مَذْهَبِ حَمْزَةَ فِي إِبْدَالِ الْهَمْزَةِ فِي الْوَقْفِ أَلِفًا قَالَ: الدَّانِيُّ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ الْفَتْحَ وَالْإِمَالَةَ فَالْفَتْحُ عَلَى أَنَّ الْأَلِفَ الْمَوْجُودَةَ فِي اللَّفْظِ بَعْدَ فَتْحَةِ الدَّالِ هِيَ الْمُبْدَلَةُ مِنَ الْهَمْزَةِ دُونَ أَلِفِ الْهُدَى وَالْإِمَالَةُ عَلَى أَنَّهَا أَلِفُ الْهُدَى دُونَ الْمُبْدَلَةِ مِنَ الْهَمْزَةِ قَالَ: وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَقِيسُ لِأَنَّ أَلِفَ الْهُدَى قَدْ كَانَتْ ذَهَبَتْ مَعَ تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ فِي حَالِ الْوَصْلِ فَكَذَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعَ الْمُبْدَلِ مِنْهَا لِأَنَّهُ تَخْفِيفٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute