الْمَضْمُومِ وَالسَّاكِنِ وَلَكَانَتِ الرَّاءُ الْمَكْسُورَةُ مُمَالَةً، وَذَلِكَ خِلَافُ إِجْمَاعِهِمْ. وَمِنَ الدَّلِيلِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْإِمَالَةَ غَيْرُ التَّرْقِيقِ أَنَّكَ إِذَا أَمَلْتَ ذِكْرَى الَّتِي هِيَ فِعْلَى بَيْنَ بَيْنَ كَانَ لَفْظُكَ بِهَا غَيْرَ لَفْظِكَ بِذِكْرِ الْمُذَكَّرِ وَقَفًا إِذَا رَقَّقْتَ، وَلَوْ كَانَتِ الرَّاءُ فِي الْمُذَكِّرِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ لَكَانَ اللَّفْظُ بِهِمَا سَوَاءً وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَا يُقَالُ: إِنَّمَا كَانَ اللَّفْظُ فِي الْمُؤَنَّثِ غَيْرَ اللَّفْظِ فِي الْمُذَكِّرِ لِأَنَّ اللَّفْظَ بِالْمُؤَنَّثِ مُمَالُ الْأَلِفِ وَالرَّاءِ وَاللَّفْظُ بِالْمُذَكِّرِ مُمَالُ الرَّاءِ فَقَطْ فَإِنَّ الْأَلِفَ حَرْفٌ هَوَائِيٌّ لَا يُوصَفُ بِإِمَالَةٍ، وَلَا تَفْخِيمٍ، بَلْ هُوَ تَبَعٌ لِمَا قَبْلَهُ فَلَوْ ثَبَتَ إِمَالَةُ مَا قَبْلَهُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ لَكَانَ مُمَالًا بِالتَّبَعِيَّةِ كَمَا أَمَلْنَا الرَّاءَ قَبْلَهُ فِي الْمُؤَنَّثِ بِالتَّبَعِيَّةِ، وَلَمَّا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ بِهِمَا وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ، وَلَا مَزِيدَ عَلَى هَذَا فِي الْوُضُوحِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَقَالَ الدَّانِيُّ فِي كِتَابِهِ التَّجْرِيدِ: التَّرْقِيقُ فِي الْحَرْفِ دُونَ الْحَرَكَةِ إِذَا كَانَ صِيغَتَهُ وَالْإِمَالَةُ فِي الْحَرَكَةِ دُونَ الْحَرْفِ إِذْ كَانَتْ لِعِلَّةٍ أَوْجَبَتْهَا، وَهِيَ تَخْفِيفٌ كَالْإِدْغَامِ سَوَاءٌ انْتَهَى. وَهَذَا حَسَنٌ جِدًّا وَأَمَّا كَوْنُ الْأَصْلِ فِي الرَّاءِ التَّفْخِيمَ، أَوِ التَّرْقِيقَ فَسَيَجِيءُ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: آخِرَ الْبَابِ.
(إِذَا عُلِمَ ذَلِكَ) فَلْيُعْلَمْ أَنَّ الرَّاءَاتِ فِي مَذَاهِبِ الْقُرَّاءِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْمِصْرِيِّينَ، وَالْمَغَارِبَةِ، وَهُمُ الَّذِينَ رَوَيْنَا رِوَايَةَ وَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَزْرَقِ مِنْ طُرُقِهِمْ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ اتَّفَقُوا عَلَى تَفْخِيمِهِ، وَقِسْمٌ اتَّفَقُوا عَلَى تَرْقِيقِهِ، وَقِسْمٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَنْ كُلِّ الْقُرَّاءِ، وَقِسْمٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَنْ بَعْضِ الْقُرَّاءِ. فَالْقِسْمَانِ الْأَوَلَانِ اتَّفَقَ عَلَيْهِمَا سَائِرُ الْقُرَّاءِ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْأَدَاءِ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَالشَّامِيِّينَ، وَغَيْرُهُمْ فَهُمَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِمَا وَالْقِسْمَانِ الْآخَرَانِ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِمَا مَنْ ذَكَرْنَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ إِنَّمَا يَرِدُ عَلَى الرَّاءَاتِ الَّتِي لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ فِي بَابِ الْإِمَالَةِ فَأَمَّا مَا ذُكِرَ هُنَاكَ نَحْوَ ذِكْرَى، وَبُشْرَى، وَالنَّصَارَى وَالْأَبْرَارِ، وَالنَّارَ فَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ قَرَأَهَا بِالْإِمَالَةِ، أَوْ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ يُرَقِّقُهَا، وَمَنْ قَرَأَهَا بِالْفَتْحِ يُفَخِّمُهَا. وَسَتَرِدُ عَلَيْكَ هَذِهِ مُسْتَوْفَاةً - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.
(فَاعْلَمْ) أَنَّ الرَّاءَ لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute