للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِذَلِكَ لَا يَسْتَعْمِلُهُ مُعْتَبَرٌ، وَلَا يُوجَدُ إِلَّا فِي أَلْفَاظِ الْعَوَامِّ وَالنَّبَطِ. وَإِنَّمَا كَلَامُ الْعَرَبِ عَلَى تَمْكِينِهَا مِنَ الطَّرَفِ إِذَا انْكَسَرَتْ فَيَحْصُلُ التَّرْقِيقُ الْمُسْتَحْسَنُ فِيهَا إِذْ ذَاكَ، وَعَلَى تَمْكِينِهَا إِلَى ظَهْرِ اللِّسَانِ إِذَا انْفَتَحَتْ، أَوِ انْضَمَّتْ فَيَحْصُلُ لَهَا التَّغْلِيظُ الَّذِي يُنَاسِبُ الْفَتْحَةَ وَالضَّمَّةَ.

وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ مَعَ الْفَتْحَةِ وَالضَّمَّةِ مِنَ الطَّرَفِ فَتُرَقَّقُ إِذَا عَرَضَ لَهَا سَبَبٌ كَمَا يَتَبَيَّنُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي رِوَايَةِ وَرْشٍ، وَلَا يُمْكِنُ إِذَا انْكَسَرَتْ إِلَى ظَهْرِ اللِّسَانِ ; لِئَلَّا يَحْصُلَ التَّغْلِيظُ الْمُنَافِرُ لِلْكَسْرَةِ فَحَصَلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِيمَا ذَكَرُوهُ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الرَّاءِ الْمُتَحَرِّكَةِ التَّفْخِيمُ، وَأَمَّا الرَّاءُ السَّاكِنَةُ فَوَجَدْنَاهَا تُرَقَّقُ بَعْدَ الْكَسْرَةِ اللَّازِمَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقَعَ بَعْدَهَا حَرْفُ اسْتِعْلَاءٍ نَحْوَ فِرْدُوسِ وَتُفَخَّمُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فَظَهَرَ أَنَّ تَفْخِيمَ الرَّاءِ وَتَرْقِيقَهَا مُرْتَبِطٌ بِأَسْبَابٍ كَالْمُتَحَرِّكَةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً عَلَى حُكْمِهَا فِي نَفْسِهَا فَأَمَّا تَفْخِيمُهَا بَعْدَ الْكَسْرَةِ الْعَارِضَةِ فِي نَحْوِ أَمِ ارْتَابُوا فَلِمَ لَا يَكُونُ حَمْلًا عَلَى الْمُضَارِعِ إِذْ قُلْتَ يَرْتَابَ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ فِي أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ مُقْتَطَعَةٌ مِنَ الْمُضَارِعِ، أَوْ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ فِي أَنَّ الْأَمْرَ يُشْبِهُ الْمَقْطَعَ مِنَ الْمُضَارِعِ فَلَمْ يُعْتَدَّ بِمَا عَرَضَ لَهَا مِنَ الْكَسْرَةِ فِي حَالِ الْأَمْرِ، وَعِنْدَ ثُبُوتِ هَذَا الِاحْتِمَالِ لَمْ يَتَعَيَّنِ الْقَوْلُ بِأَنَّ أَصْلَهَا التَّفْخِيمُ.

(قُلْتُ) : وَالْقَوْلَانِ مُحْتَمَلَانِ وَالثَّانِي أَظْهَرُ لِوَرْشٍ مِنْ طُرُقِ الْمِصْرِيِّينَ، وَلِذَلِكَ أَطْلَقُوا تَرْقِيقَهَا، وَاتَّسَعُوا فِيهِ كَمَا قَدَّمْنَا. وَقَدْ تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَكْسُورِ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ مَا يَقْتَضِي التَّرْقِيقُ فَإِنَّهُ بِالْوَقْفِ تَزُولُ كَسْرَةُ الرَّاءِ الْمُوجِبَةُ لِتَرْقِيقِهَا فَتُفَخَّمُ حِينَئِذٍ عَلَى الْأَصْلِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَتُرَقَّقُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ حَيْثُ إِنَّ السُّكُونَ عَارِضٌ وَأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهَا فِي التَّفْخِيمِ تَرْجِعُ إِلَيْهِ فَيَتَّجِهُ التَّرْقِيقُ. وَقَدْ أَشَارَ فِي التَّبْصِرَةِ إِلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: أَكْثَرُ هَذَا الْبَابِ إِنَّمَا هُوَ قِيَاسٌ عَلَى الْأُصُولِ وَبَعْضُهُ أُخِذَ سَمَاعًا وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّنِي أَقِفُ فِي جَمِيعِ الْبَابِ كَمَا أَصِلُ سَوَاءٌ أَسَكَّنْتُ، أَوْ رُمْتُ لَكَانَ لِقَوْلِهِ وَجْهٌ مِنَ