(فَالْجَوَابُ) أَنَّ سَبَبَ التَّغْلِيظِ هُنَا قَائِمٌ، وَهُوَ وُجُودُ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ، وَإِنَّمَا فَتْحُ اللَّامِ شَرْطٌ فَلَمْ يُؤَثِّرْ سُكُونُ الْوَقْفِ لِعُرُوضِهِ وَقُوَّةِ السَّبَبِ فَعَمِلَ السَّبَبُ عَمَلَهُ لِضَعْفِ الْمُعَارِضِ فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ أَنَّ السَّبَبَ زَالَ بِالْوَقْفِ، وَهُوَ الْكَسْرُ فَافْتَرَقَا.
(السَّادِسُ) ، وَلَوْ قِيلَ: لِمَ كَانَتِ الْكَسْرَةُ الْعَارِضَةُ وَالْمَفْصُولَةُ وَجَبَ تَرْقِيقُ اللَّامِ مِنَ اسْمِ اللَّهِ، وَلَا تُوجِبُ تَرْقِيقَ الرَّاءِ؟
(فَالْجَوَابُ) أَنَّ اللَّامَ لَمَّا كَانَ أَصْلُهَا التَّرْقِيقَ وَكَانَ التَّغْلِيظُ عَارِضًا لَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ فِيهَا إِلَّا بِشَرْطٍ أَنْ لَا يُجَاوِرَهَا مُنَافٍ لِلتَّغْلِيظِ، وَهُوَ الْكَسْرُ فَإِذَا جَاوَرَتْهَا الْكَسْرَةُ رَدَّتْهَا إِلَى أَصْلِهَا.
وَأَمَّا الرَّاءُ الْمُتَحَرِّكَةُ بِالْفَتْحِ، أَوْ بِالضَّمِّ فَإِنَّهَا لَمَّا اسْتَحَقَّتِ التَّغْلِيظُ بَعْدَ ثُبُوتِ حَرَكَتِهَا لَمْ تَقْوَ الْكَسْرَةُ غَيْرُ اللَّازِمَةِ عَلَى تَرْقِيقِهَا وَاسْتَصْحَبُوا فِيهَا حُكْمَ التَّغْلِيظَ الَّذِي اسْتَحَقَّتْهُ بِسَبَبِ حَرَكَتِهَا فَإِذَا كَانَتِ الْكَسْرَةُ لَازِمَةً أَثَّرَتْ فِي لُغَةٍ دُونَ أُخْرَى فَرُقِّقَتِ الرَّاءُ لِذَلِكَ وَفَخِّمَتْ، وَقِيلَ الْفَرْقُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ تَرْقِيقِ الرَّاءِ بِإِمَالَتِهَا، وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي سَبَبًا قَوِيًّا لِلْإِمَالَةِ.
وَأَمَّا تَرْقِيقُ اللَّامِ فَهُوَ الْإِتْيَانُ بِهَا عَلَى مَاهِيَّتِهَا وَسَجِيَّتِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ شَيْءٍ فِيهَا، وَإِنَّمَا التَّغْلِيظُ هُوَ الزِّيَادَةُ فِيهَا، وَلَا تَكُونُ الْحَرَكَةُ قَبْلَ لَامِ اسْمِ اللَّهِ إِلَّا مَفْصُولَةُ لَفْظًا، أَوْ تَقْدِيرًا. وَأَمَّا الْحَرَكَةُ قَبْلَ الرَّاءِ فَتَكُونُ مَفْصُولَةً وَمَوْصُولَةً فَأُمْكِنَ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِيهَا بِخِلَافِ اللَّامِ.
(السَّابِعُ) اللَّامُ الْمُشَدَّدَةُ نَحْوَ يُصَلَّبُوا، وَطَلَّقْتُمُ، وَظَلَّ وَجْهُهُ، لَا يُقَالُ: فِيهَا إِنَّهُ فَصَلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ فَاصِلٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْرَى الْوَجْهَانِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْفَاصِلَ أَيْضًا لَامٌ أُدْغِمَتْ فِي مِثْلِهَا فَصَارَ حَرْفًا وَاحِدًا فَلَمْ تَخْرُجِ اللَّامُ عَنْ كَوْنِ حَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ وَلِيَهَا. وَقَدْ شَذَّ بَعْضُهُمْ فَاعْتَبَرَ ذَلِكَ فَصْلًا مُطْلَقًا، حَكَاهُ الدَّانِيُّ. وَبَعْضُهُمْ قَدْ أَثْبَتَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute