للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ (أَيًّا) ، وَمِنْ (مَا) لِكَوْنِهِمَا كَلِمَتَيْنِ انْفَصَلَتَا رَسْمًا كَسَائِرِ الْكَلِمَاتِ الْمُنْفَصِلَاتِ رَسْمًا، وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ، وَهُوَ الْأُولَى بِالْأُصُولِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُوجَدُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ نَصٌّ بِخِلَافِهِ، وَقَدْ تَتَبَّعْتُ نُصُوصَهُمْ فَلَمْ أَجِدْ مَا يُخَالِفُ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ، وَلَاسِيَّمَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَغَايَةُ مَا وَجَدْتُ النَّصَّ عَنْ حَمْزَةَ وَسُلَيْمٍ وَالْكِسَائِيِّ فِي الْوَقْفِ عَلَى (أَيًّا) فَنَصَّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدٌ بْنُ سَعْدَانَ النَّحْوِيُّ الضَّرِيرُ صَاحِبُ سُلَيْمٍ وَالْيَزِيدِيُّ وَإِسْحَاقُ الْمُسَيَّبِيُّ، وَغَيْرُهُمْ عَلَى ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَحْيَى يَعْنِي الضَّبِّيَّ ; ثَنَا ابْنُ سَعْدَانَ قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ وَسُلَيْمُ يَقِفَانِ جَمِيعًا عَلَى (أَيًّا) ثُمَّ قَالَ: ابْنُ سَعْدَانَ وَالْوَقْفُ الْجَيِّدُ عَلَى (مَا) لِأَنَّ (مَا) صِلَةٌ لِأَيِّ.

وَنَصَّ قُتَيْبَةُ كَذَلِكَ عَنِ الْكِسَائِيِّ قَالَ الدَّانِيُّ: ثَنَا أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ طَالِبٍ الْبَزَّازَ ثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ شُعَيْبٍ النَّهَاوَنْدِيَّ، ثَنَا أَحْمَدُ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَوَيْهِ الْأَصْبَهَانِيَّ. ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْقُرَشِيُّ الْغَزَالِيُّ. ثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مِرْدَاسٍ. ثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: كَانَ الْكِسَائِيُّ يَقِفُ عَلَى الْأَلِفِ مِنْ (أَيًّا) انْتَهَى، وَهَذَا غَايَةُ مَا وَجَدْتُهُ وَغَايَةُ مَا رَوَاهُ الدَّانِيُّ ثُمَّ قَالَ الدَّانِيُّ بِأَثَرِ هَذَا وَالنَّصُّ عَنِ الْبَاقِينَ مَعْدُومٌ فِي ذَلِكَ وَالَّذِي نَخْتَارُهُ فِي مَذْهَبِهِمُ الْوَقْفُ عَلَى (مَا) ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ حَرْفًا زِيدَ صِلَةً لِلْكَلَامِ فَلَا يُفْصَلُ مِنْ (أَيٍّ) قَالَ: وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ اسْمًا لَا حِرَفًا، وَهِيَ بَدَلٌ مِنْ (أَيٍّ) فَيَجُوزُ فَصْلُهَا، وَقَطْعُهَا مِنْهَا انْتَهَى. فَقَدْ صَرَّحَ الدَّانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِأَنَّ النَّصَّ عَنْ غَيْرِ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ، مَعْدُومٌ وَأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى (مَا) اخْتِيَارٌ مِنْهُ مِنْ أَجْلِ كَوْنِ (مَا) صِلَةً لَا غَيْرَ، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمُ الْوَقْفُ عَلَى (أَيٍّ) وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ غَيْرَ جَائِزٍ، وَهُوَ مَفْصُولٌ رَسْمًا وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَثَلًا مَا، وَأَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ، وَأَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ وَأَخَوَاتِهِ مِمَّا كُتِبَ مَفْصُولًا، وَقَدْ نَصَّ الدَّانِيُّ نَفْسُهُ عَلَى أَنَّ مَا كُتِبَ مِنْ ذَلِكَ، وَغَيْرِهِ مَفْصُولًا يُوقَفُ لِسَائِرِهِمْ عَلَيْهِ مَفْصُولًا وَمَوْصُولًا ; هَذَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ سَائِرُ الْقُرَّاءِ وَأَهْلِ الْأَدَاءِ ; فَظَهَرَ أَنَّ الْوَقْفَ جَائِزٌ لِجَمِيعِهِمْ عَلَى كُلٍّ مِنْ كَلِمَتَيْ (أَيًّا ; وَمَا) كَسَائِرِ الْكَلِمَاتِ الْمَفْصُولَاتِ فِي الرَّسْمِ، وَهَذَا الَّذِي نَرَاهُ وَنَخْتَارُهُ