فِي الْقَصَصِ تَعْمَلُونَ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْعَنْكَبُوتِ وَأَنْ لَا فِي يس، وَيَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا آخِرَ الزُّمَرِ (وَأَخَّرْتَنِي إِلَى) فِي الْمُنَافِقِينَ (وَدُعَائِي إِلَّا) فِي نُوحٍ. لَمْ تَخْتَلِفِ الْمَصَاحِفُ فِي هَذِهِ الْخَمْسَ عَشْرَةَ يَاءً إِنَّهَا ثَابِتَةٌ. وَكَذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفِ الْقُرَّاءُ فِي إِثْبَاتِهَا أَيْضًا.
وَلَمْ يَجِئْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ خِلَافٌ إِلَّا فِي تَسْأَلْنِي فِي الْكَهْفِ اخْتُلِفَ فِيهَا عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَلْحَقُ بِهَذِهِ الْيَاءَاتِ بِهَادِي الْعُمْيِ فِي النَّمْلِ لِثُبُوتِهَا فِي جَمِيعِ الْمَصَاحِفِ لِاشْتِبَاهِهَا بِالَّتِي فِي سُورَةِ الرُّومِ إِذْ هِيَ مَحْذُوفَةٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَصَاحِفِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ الْوَقْفِ.
(الثَّانِي) : بَنَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا الْحَذْفَ وَالْإِثْبَاتَ فِي فَبَشِّرْ عِبَادِ عَنِ السُّوسِيِّ، وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو عَلَى كَوْنِهَا رَأْسَ آيَةٍ فَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عَقِيلٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو: إِنْ كَانَتْ رَأْسَ آيَةٍ وَقَفْتَ عَلَى عِبَادٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَأْسَ آيَةٍ وَوَقَفْتَ قُلْتَ فَبَشِّرْ عِبَادِي وَإِنْ وَصَلْتَ قُلْتَ عِبَادِي الَّذِينَ قَالَ: وَقَرَأْتُهُ بِالْقَطْعِ، وَقَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: فِي كِتَابِ أَبِي عَمْرٍو فِي رِوَايَةِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْيَزِيدِيِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَبَا عَمْرٍو كَانَ يَذْهَبُ فِي الْعَدَدِ مَذْهَبَ الْمَدَنِيِّ الْأَوَّلِ، وَهُوَ كَانَ عَدَدَ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْأَئِمَّةِ قَدِيمًا فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى عَدَدِ الْكُوفِيِّ وَالْمَدَنِيِّ الْأَخِيرِ، وَالْبَصْرِيِّينَ، حَذَفَ الْيَاءَ فِي قِرَاءَةِ أَبِي عَمْرٍو، وَمَنْ عَدَّ عَدَدَ الْمَدَنِيِّ الْأَوَّلِ فَتَحَهَا وَاتَّبَعَ أَبَا عَمْرٍو فِي الْقِرَاءَةِ وَالْعَدَدِ. وَقَالَ ابْنُ الْيَزِيدِيِّ فِي كِتَابِهِ فِي الْوَصْلِ وَالْقَطْعِ: لَمَّا ذَكَرَ لِأَبِي عَمْرٍو الْفَتْحَ وَصْلًا وَإِثْبَاتَ الْيَاءِ وَقْفًا: هَذَا مِنْهُ تَرْكٌ لِقَوْلِهِ إِنَّهُ يَتَّبِعُ الْخَطَّ فِي الْوَقْفِ قَالَ: وَكَأَنَّ أَبَا عَمْرٍو أَغْفَلَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَرْفُ رَأْسَ آيَةٍ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا قَدَّمْنَا: قَوْلُ أَبِي عَمْرٍو لِعُبَيْدِ بْنِ عَقِيلٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ عَلَى أَنَّهُ رَأْسُ آيَةٍ فِي بَعْضِ الْعَدَدِ إِذْ خَيَّرَهُ فَقَالَ: إِنْ عَدَدْتَهَا فَأَسْقِطِ الْيَاءَ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي غَيْرِ الْفَوَاصِلِ وَإِنْ لَمْ تَعُدَّهَا فَأَثْبِتِ الْيَاءَ وَانْصِبْهَا عَلَى مَذْهَبِهِ فِي غَيْرِ الْفَوَاصِلِ، وَعِنْدَ اسْتِقْبَالِ الْيَاءِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ.
(قُلْتُ) : وَالَّذِي لَمْ يَعُدَّهَا آيَةً هُوَ الْمَكِّيُّ وَالْمَدَنِيُّ الْأَوَّلُ فَقَطْ وَعَدَّهَا غَيْرُهُمَا آيَةً فَعَلَى مَا قَرَّرُوا يَكُونُ أَبُو عَمْرٍو اتَّبَعَ فِي تَرْكِ عَدِّهَا الْمَكِّيَّ وَالْمَدَنِيَّ الْأَوَّلَ إِذْ كَانَ مِنْ أَصْلِ مَذْهَبِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute