بِآخِرِ السُّورَةِ وَبِالْبَسْمَلَةِ مَعَ الْقَطْعِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ لِأَوَّلِ السُّورَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ مُنْفَصِلَةً عَنْهَا مُتَّصِلَةً بِآخِرِ السُّورَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْبَسْمَلَةِ فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا الْوَجْهُ عَلَى تَقْدِيرٍ مِنَ التَّقْدِيرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَتَبْقَى سَبْعَةُ أَوْجُهٍ مُحْتَمَلَةَ الْجَوَازِ مَنْصُوصَةً لِمَنْ نَذْكُرُهَا لَهُ، مِنْهَا اثْنَانِ مُخْتَصَّانِ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ التَّكْبِيرُ لِآخِرِ السُّورَةِ وَاثْنَانِ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ لِأَوَّلِ السُّورَةِ وَالثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ مُحْتَمَلَةٌ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ.
فَأَمَّا الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ لِآخِرِ السُّورَةِ (فَالْأَوَّلُ مِنْهَا) وَصْلُ التَّكْبِيرِ بِآخِرِ السُّورَةِ وَالْقَطْعُ عَلَيْهِ وَوَصْلُ الْبَسْمَلَةِ بِأَوَّلِ السُّورَةِ، وَهُوَ فَحَدِّثْ اللَّهُ أَكْبَرُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ نَشْرَحْ، وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَنِ طَاهِرُ بْنُ غَلْبُونَ، وَقَالَ: وَهُوَ الْأَشْهَرُ الْجَيِّدُ، وَبِهِ قَرَأْتُ، وَبِهِ آخُذُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الدَّانِيُّ فِي التَّيْسِيرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي مُفْرَدَاتِهِ سِوَاهُ، وَهُوَ أَحَدُ اخْتِيَارَاتِهِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّجْرِيدِ أَيْضًا، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمَا فِي الْكَافِي، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ وَأَبُو شَامَةَ وَسَائِرُ الشُّرَّاحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّاطِبِيِّ.
(وَالثَّانِي) وَصْلُ التَّكْبِيرِ بِآخِرِ السُّورَةِ، وَالْقَطْعُ عَلَيْهِ، وَالْقَطْعُ عَلَى الْبَسْمَلَةِ، وَهُوَ فَحَدِّثْ اللَّهُ أَكْبَرُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ نَشْرَحْ نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو مَعْشَرٍ فِي تَلْخِيصِهِ، وَنَقَلَهُ عَنِ الْخُزَاعِيِّ عَنِ الْبَزِّيِّ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَاسِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْجَعْبَرِيُّ فِي شَرْحَيْهِمَا، وَابْنُ مُؤْمِنٍ فِي كَنْزِهِ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ جَارِيَانِ عَلَى قَوَاعِدِ مَنْ أَلْحَقَ التَّكْبِيرَ بِآخِرِ السُّورَةِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُمَا نَصًّا إِلَّا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ مَكِّيٍّ فِي تَبْصِرَتِهِ مَنْعُهُمَا مَعًا، فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى التَّكْبِيرِ دُونَ أَنْ يَصِلَهُ بِالْبَسْمَلَةِ، ثُمَّ بِأَوَّلِ السُّورَةِ الْمُؤْتَنِفَةِ فَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ مَنْعُ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ حَيْثُ قَالَ: أَوَّلًا يُكَبِّرُ مِنْ خَاتِمَةِ " وَالضُّحَى " إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ مَعَ خَاتِمَةِ كُلِّ سُورَةٍ، وَكَذَلِكَ إِذْ قَرَأَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ وَيُبَسْمِلُ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ التَّكْبِيرَ لِآخِرِ السُّورَةِ، وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute