للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَالثَّالِثُ) مِنْهَا: قَطْعُ الْجَمِيعِ أَيْ قَطْعُ التَّكْبِيرِ عَنِ السُّورَةِ الْمَاضِيَةِ، وَعَنِ الْبَسْمَلَةِ، وَقَطْعُ الْبَسْمَلَةِ عَنِ السُّورَةِ الْآتِيَةِ، وَهُوَ فَحَدِّثْ اللَّهُ أَكْبَرُ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ نَشْرَحْ يَظْهَرُ هَذَا الْوَجْهُ مِنْ كَلَامِ الْحَافِظِ أَبِي عَمْرٍو فِي جَامِعِ الْبَيَانِ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ تُوصَلْ - يَعْنِي التَّسْمِيَةَ بِالتَّكْبِيرِ - جَازَ الْقَطْعُ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ جَوَازَ الْقَطْعِ عَلَى التَّكْبِيرِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْقَطْعَ عَلَى آخِرِ السُّورَةِ فَكَانَ هَذَا الْوَجْهُ كَالنَّصِّ مِنْ كَلَامِهِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ مُؤْمِنٍ فِي الْكَنْزِ، وَكُلٌّ مِنَ الْفَاسِيِّ وَالْجَعْبَرِيِّ فِي الشَّرْحِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ الشَّاطِبِيِّ وَلَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ مَكِّيٍّ الْمُتَقَدِّمِ مَنْعُهُ، بَلْ هُوَ صَرِيحُ نَصِّهِ فِي الْكَشْفِ حَيْثُ مَنَعَ فِي وَجْهِ الْبَسْمَلَةِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ قَطْعَهَا عَنِ الْمَاضِيَةِ وَالْآتِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْبَسْمَلَةِ، وَلَا وَجْهَ لِمَنْعِ هَذَا الْوَجْهِ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْأَوْجُهَ السَّبْعَةَ جَائِزَةٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَمَّنْ ذَكَرْنَا، قَرَأَ بِهَا عَلَى كُلِّ مَنْ قَرَأْتُ عَلَيْهِ مِنَ الشُّيُوخِ، وَبِهَا آخُذُ، وَنَصَّ عَلَيْهَا كُلِّهَا الْأُسْتَاذُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْوَاسِطِيُّ فِي كَنْزِهِ وَيَتَأَتَّى عَلَى كُلٍّ مِنَ التَّقْدِيرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ، وَهِيَ الْوَجْهَانِ الْمُخْتَصَّانِ بِأَحَدِ التَّقْدِيرَيْنِ، وَالثَّلَاثَةُ الْجَائِزَةُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ.

وَبَقِيَ هُنَا تَنْبِيهَاتٌ: (الْأَوَّلُ) : الْمُرَادُ بِالْقَطْعِ وَالسَّكْتِ فِي هَذِهِ الْأَوْجُهِ كُلِّهَا هُوَ الْوَقْفُ الْمَعْرُوفُ لَا الْقَطْعُ الَّذِي هُوَ الْإِعْرَابُ، وَلَا السَّكْتُ الَّذِي هُوَ دُونَ تَنَفُّسٍ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَدَّمْنَا فِي بَابِ الْبَسْمَلَةِ. وَكَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيُّ حَيْثُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَيَجُوزُ أَنْ تَقِفَ عَلَى آخِرِ السُّورَةِ وَتَبْدَأَ بِالتَّكْبِيرِ، أَوْ تَقِفَ عَلَى التَّكْبِيرِ وَتَبْدَأَ بِالْبَسْمَلَةِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقِفَ عَلَى الْبَسْمَلَةِ - وَمَكِّيٌّ فِي تَبْصِرَتِهِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى التَّكْبِيرِ دُونَ أَنْ تَصِلَهُ بِالْبَسْمَلَةِ - وَأَبُو الْعِزِّ بِقَوْلِهِ: وَاتَّفَقَ الْجَمَاعَةُ يَعْنِي رُوَاةَ التَّكْبِيرِ أَنَّهُمْ يَقِفُونَ فِي آخِرِ كُلِّ سُورَةٍ وَيَبْتَدِئُونَ بِالتَّكْبِيرِ، وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ بِقَوْلِهِ: وَكُلُّهُمْ يَسْكُتُ عَلَى خَوَاتِيمِ السُّوَرِ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِالتَّكْبِيرِ غَيْرَ الْفَحَّامِ عَنْ رِجَالِهِ فَإِنَّهُ خَيَّرَ بَيْنَ الْوَقْفِ عَلَى آخِرِ السُّورَةِ، ثُمَّ الِابْتِدَاءِ بِالتَّكْبِيرِ، وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالسَّكْتِ الْمُتَقَدِّمِ