للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ قِبَلِ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ وَرَدَّ تَفْسِيرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ: وَكَيْفَمَا كَانَ الْأَمْرُ فَمَدَارُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا صَالِحًا فَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، قَالَ: ثُمَّ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ فَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ مَا ذَكَرَهُ الْقُرَّاءُ وَقِيلَ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى تَتَابُعِ الْغَزْوِ وَتَرْكِ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ فَلَا يَزَالُ فِي حِلٍّ وَارْتِحَالٍ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ قُتَيْبَةَ فِي تَفْسِيرِهِ الْحَدِيثَ كَمَا سَيَأْتِي. ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا ظَاهِرُ اللَّفْظِ إِذْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي ذَلِكَ، وَعَلَى مَا أَوَّلَهُ بِهِ بَعْضُ الْقُرَّاءِ يَكُونُ مَجَازًا، وَقَدْ رَوَوُا التَّفْسِيرَ فِيهِ مُدْرَجًا فِي الْحَدِيثِ، وَلَعَلَّهُ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ.

(قُلْتُ) : وَفِيمَا قَالَهُ الشَّيْخُ، أَبُو شَامَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ: (أَحَدُهَا) : أَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ مَدَارُهُ عَلَى صَالِحٍ الْمُرِّيِّ كَمَا ذَكَرَهُ، بَلْ رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَيْضًا قَالَ الدَّانِيُّ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّبْعِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَسْرُورٍ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سَحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: (الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ) قَالَ: ابْنُ وَهْبٍ وَسَمِعْتُ أَبَا عَفَّانَ الْمَدَنِيَّ يَقُولُ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ (هَذَا خَاتِمُ الْقُرْآنِ وَفَاتِحُهُ) ، وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْكِسَائِيِّ. حَدَّثَنَا الْحُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَامَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: (الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ) ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ؟ قَالَ: (صَاحِبُ الْقُرْآنِ يَضْرِبُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، وَمِنْ آخِرِهِ إِلَى أَوَّلِهِ كُلَّمَا حَلَّ ارْتَحَلَ) فَثَبَتَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ مَدَارُهُ عَلَى صَالِحٍ الْمُرِّيِّ. (وَالثَّانِي) : أَنَّ كَلَامَ ابْنِ قُتَيْبَةَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ كِتَابِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ لَهُ مَا هَذَا نَصُّهُ: جَاءَ فِي الْحَدِيثِ (أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ) ، قِيلَ: مَا الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ؟ قَالَ: (الْخَاتِمُ الْمُفْتَتِحُ) ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ