للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعمل فيه قراضا ومضاربة، وأن يعمل فيه الوليّ نفسه قراضا، وأن يخلط ماله بماله إذا كان ذلك صلاحا.

قال أبو بكر الرازي «١» : وقوله: وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ يدل على أن لولي اليتيم أن يخالط اليتيم بنفسه في الصهر والمناكحة، وأن يزوّجه بنته، أو يزوج اليتيمة بعض ولده، فيكون قد خلط اليتامى بنفسه وعياله، واختلط هو بهم.

وإذا كانت الآية قد دلّت على جواز خلط مال اليتيم بماله في مقدار ما يظن أن اليتيم يأكله على ما روي عن ابن عباس: فقد دلّت على جواز المناهدة التي يفعلها الناس في الأسفار، فيخرج كلّ واحد منهم شيئا معلوما فيخلطونه ثم ينفقونه، وقد يختلف أكل الناس.

وقد دل قوله: إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ على أن التجارة في مال اليتيم وتزويجه ليس بواجب على الوصي، لأنّ ظاهر اللفظ يدلّ على أنّ مراده الندب والإرشاد.

قال الله تعالى: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٢١) المعنى: ولا تتزوجوا أيها المؤمنون المشركات حتى يؤمن بالله وباليوم الآخر، ولأمة مؤمنة بالله ورسوله أفضل من حرّة مشركة وإن كرم أصلها، وإن أعجبتكم المشركة في الجمال والحسب والمال. ولا تزوّجوا المشركين من نسائكم المؤمنات حتى يؤمنوا بالله ورسوله، ولأن تزوجوهنّ من عبد مؤمن بالله ورسوله خير لكم من أن تزوجوهنّ من حر مشرك وإن أعجبكم في الحسب والنسب والشرف.

هؤلاء الذين حرّمت عليكم مناكحتهم من الرجال المشركين والنساء المشركات يدعونكم إلى العمل بما يودّي بكم إلى النار، فلا تخالطوهم، ولا تصاهروهم، إذ المصاهرة توجب المداخلة والنصيحة، وهؤلاء لا يألونكم خبالا، والله يدعو إلى العمل الذي يوجب الجنة وستر الذنوب بإعلامه إياكم السبيل الحق، ويوضّح حججه وأدلته للناس ليتذكّروا فيميّزوا بين الخير والشر.

وقد اختلف العلماء في هذه الآية، فذهب بعضهم إلى أن لفظ المشركات يعمّ كلّ مشركة، سواء أكانت وثنية أم يهودية أم نصرانية، ولم ينسخ أو يخصّ منها شيء، فيكنّ جميعا قد حرّم على المسلم زواجهنّ.

وذهب بعضهم على أن المراد بالمشركات من لا كتاب لهنّ من المجوس


(١) أحكام القرآن للإمام الرازي (١/ ٣٣١) .

<<  <   >  >>